تكنولوجيا وإتصالات

هل تعتقد أن الإنترنت لا ينسى؟.. اختفاء المواقع أزمة خطيرة تهدد مستقبل أبداعاتنا

كتب في : الأحد 22 ديسمبر 2024 - 10:42 صباحاً بقلم : المصرية للأخبار

 

رغم الفكرة الشائعة بأن "الإنترنت لا ينسى"، فإن الواقع يثبت عكس ذلك. دراسة حديثة أجراها مركز Pew Research كشفت أن 38% من صفحات الإنترنت التي كانت متاحة في 2013 أصبحت الآن غير قابلة للوصول. أسباب ذلك تتنوع بين حذف المواقع، تغيير الروابط، أو حتى إغلاق كامل لمنصات كانت حاضنة لمحتويات بالغة الأهمية، مثل الأبحاث العلمية والمقالات الإخبارية، وذلك حسبما قال موقع theverge المتخصص بالشئون الرقمية.

هذه الأزمة لا تقتصر على المجالات العلمية فقط، بل تطال الصحافة أيضًا. تقديرات جامعة نورث وسترن تشير إلى أن ثلث مواقع الأخبار المحلية قد تختفي بحلول عام 2025، ما يعني فقدان عدد هائل من المقالات والتحقيقات التي توثق تاريخنا وثقافتنا.

الكاتب الرقمي في مواجهة "موت المؤلف"

بالنسبة للكتاب الرقميين، اختفاء أعمالهم يمثل أزمة هوية. عندما تصبح مقالاتهم غير قابلة للعثور عليها، يطرحون سؤالًا مؤلمًا: "من أكون إذا اختفت كلماتي؟". الكاتب الذي يعتمد على أعماله لبناء مسيرته المهنية يجد نفسه في صراع مع فكرة أن جهده قد يختفي بين عشية وضحاها، كما لو أن عمله لم يكن موجودًا قط.

لماذا لا تدوم الثقافة الرقمية؟

مشكلة الاختفاء الرقمي ليست وليدة العصر الحديث. عبر التاريخ، ضاعت آلاف الأعمال الأدبية والمسرحية لأسباب تتعلق بتقنيات الحفظ غير الفعّالة أو التطور المستمر في أدوات التوثيق. اليوم، تتكرر المشكلة مع الوسائط الرقمية، حيث تصبح صيغ التخزين القديمة غير قابلة للاستخدام بسبب التقنيات الجديدة. حتى أكبر مؤسسات الحفظ، مثل مكتبة الكونغرس، تكافح للحفاظ على الأرشيف الرقمي.

الذكاء الاصطناعي.. سلاح ذو حدين

وسط هذه التحديات، ظهر الذكاء الاصطناعي ليزيد الأمور تعقيدًا. بدلاً من الحفاظ على المحتوى الرقمي، نجد أن الذكاء الاصطناعي يستهلك المحتوى الإبداعي ويعيد إنتاجه بشكل مبتذل. هذا يؤدي إلى تضخم مشكلة "التلوث الرقمي"، حيث يمتلئ الإنترنت بمحتوى مكرر ومعلومات مضللة.

من المقلق أن يتحول الإبداع البشري إلى مادة خام لتدريب أنظمة ذكاء اصطناعي تُستخدم لتحقيق أرباح هائلة للشركات، بينما يعاني المبدعون من فقدان السيطرة على أعمالهم.

كيف نحدد ما يستحق البقاء؟

رغم ضخامة المحتوى الرقمي، فإن أرشفة كل شيء تبدو مستحيلة. لذلك، يصبح السؤال: ما الذي يستحق الحفظ؟ ومن يحدد ذلك؟ هل نترك القرارات بيد الشركات الكبرى؟ أم نسعى لتطوير أساليب أرشفة تحفظ الأعمال الإبداعية وتضمن استدامتها؟

بين الماضي والمستقبل

تشبه الأزمة الحالية فقدان أرشيفات تاريخية، مثل المسرحيات التي ضاعت من عصر شكسبير أو المخطوطات التي أُتلفت عبر القرون. لكن الفارق أن لدينا اليوم أدوات تمكننا من إنقاذ جزء كبير من هذا الإرث الرقمي. ومع ذلك، إذا لم نتحرك الآن، فقد نجد أن مستقبل ثقافتنا أصبح بيد خوارزميات وبرامج ذكاء اصطناعي لا تدرك قيمة الإبداع البشري.

بداية الصفحة