تقارير

نبش القبور| بعد العثور على هياكل بشرية بقنا.. كيف يُعاقب الدين والقانون الجناة؟

كتب في : الأحد 22 ديسمبر 2024 - 10:24 صباحاً بقلم : المصرية للأخبار

 

في واقعة غريبة أثارت حالة من الجدل، حيث عُثر مؤخرًا على هياكل بشرية ملقاة داخل مدافن مدينة الوقف، الواقعة شمالي المحافظة، وشملت الهياكل على جمجمتين وعددًا من العظام، مما تسبب في حالة من الاستفهام بين الأهالي حول الأسباب التي أدت إلى هذا الفعل الشنيع.

تفاصيل الواقعة

تلقى مركز شرطة الوقف بلاغًا من أحد المواطنين يفيد بالعثور على هياكل بشرية ملقاة في مدافن إحدى العائلات، وتبين بعد الفحص من قبل الأجهزة الأمنية أن الهياكل تعود إلى رجل وسيدة، وأنه لا توجد أي قبور منبوشة في المكان.

وبعد تكثيف التحريات، تبين أن الحفارين المسؤولين عن دفن الموتى في تلك المقابر قد قاموا باستخراج الهياكل القديمة من القبور وإلقائها على الرمال بهدف إبعاد أحد زملائهم عن العمل معهم في دفن الموتى، وقد اعترفا بارتكاب الجريمة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وعلى الرغم من أن الجريمة تتعلق بجريمة أخلاقية وقانونية، إلا أن هناك بعدًا دينيًا يثير تساؤلات كثيرة حول حرمة التعامل مع جثث الموتى ونبش القبور، وكذلك العقوبة القانونية لهذه الأفعال.

في هذا السياق، أوضحت دار الإفتاء المصرية أن نبش القبور والتعامل مع جثث الموتى يعد أمرًا محرمًا شرعًا، وأوضحت أن الإسلام حرم التعدي على جثث الموتى بأي شكل من الأشكال، سواء كان ذلك بالنبش أو الإهانة، حيث يُعتبر ذلك انتهاكًا لحقوق الإنسان، حتى بعد وفاته.

وأكدت دار الإفتاء أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حذر من نبش القبور والتعدي على جثث الموتى في عدة أحاديث شريفة، مشيرة إلى أن هذه الأعمال تؤذي روح الميت وتخالف تعاليم الإسلام التي تكرم الإنسان في حياته وبعد موته، وأضافت الدار أن نبش القبور يعرض مرتكبيه لعقوبات شرعية وقانونية، ويجب على الجميع احترام الموتى ودفنهم بكرامة.

ويعتبر نبش القبور في الإسلام من الأمور المحرمة لما فيه من أذية للموتى وتعدٍ على حقوقهم، وقد تناولت الأحاديث النبوية الشريفة ذلك، وجاءت تحذيرات واضحة من النبي صلى الله عليه وسلم ضد أي تصرفات تؤذي الموتى، بما في ذلك نبش القبور.

 

 

- ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِنَّ لِجُسُومِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا"، رواه مسلم في كتاب البر والصلة، حديث رقم 2540، وهذا الحديث يشير إلى أن جسد المسلم له حقوق يجب احترامها حتى بعد وفاته، ومن تلك الحقوق أن يُحترم القبر ولا يتم التعدي عليه.

- ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أمَا إِنَّكُمْ لَا تَحْتَاجُونَ إِلَى أَنْ تَفَاخَرُوا بِمَنْ فَارَقَكُمْ"، وهذا الحديث يعبر عن رفض التفاخر أو محاولة الاستفادة الشخصية من موت الآخرين، مثل الاحتفاظ ببعض ممتلكات الميت أو استغلال موته لأغراض دنيوية.

- ورد عن عائشة رضي الله عنها حديثًا مرفوعًا: "كسر عظم الميت ككسره حيًا" رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد، وهذا الحديث يدل على أن إيذاء الميت بعد موته يعادل إيذاءه في حياته، ولذلك لا يجوز تقديم مصلحة الأحياء على مصلحة الميت، إلا إذا تعارضت مع مصلحة عامة تقتضي ذلك، كما في حالة الضرورة.

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُؤْذُوا أَمْوَاتَنَا"، رواه مسلم، كتاب الجنائز، حديث رقم 2123، وهذا الحديث يشير إلى أن أي فعل يؤدي إلى إيذاء الموتى يعد محرمًا، ويشمل ذلك نبش القبور.

- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ نَبَشَ قَبْرَ صَاحِبِهِ"، رواه الترمذي في سننه، حديث رقم 1061، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، وهذا الحديث صريح في لعن من يقوم بنبش القبور، وهو دليل على تحريمه.

- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ كان يَنهى عن إتيانِ القبورِ"،رواه مسلم، كتاب الجنائز، حديث رقم 973، وهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن أفعال قد تفضي إلى تدمير القبور أو المساس بها.

حكم العلماء في نبش القبور

-المالكية: يذهبون إلى أنه يجب احترام الميت وألا يُمس جسده أو قبره، وأن أي تعدٍ عليه يعد محرمًا.

- الشافعية: يعتبرون أن التعرض للميت بأي شكل من الأشكال، سواء كان ذلك بإيذائه أو نبش قبره، هو محرم.

- الحنابلة: يشددون على احترام الميت، ويعتبرون أن نبش القبور من أشنع صور الإيذاء.

- الحنفية: كذلك يرون أن التعدي على القبور يعد من المحرمات، ويشددون على ضرورة المحافظة على حرمة الموتى بعد دفنهم.

الاستثناءات المباحة

هناك بعض الحالات التي قد يُسمح فيها بالتعامل مع القبر أو جسد الميت:

- التحقيقات الجنائية: في حالات الشكوك بوجود جريمة، قد يتم نبش القبر من قبل السلطات المختصة وفقًا لضوابط شرعية.

- الأغراض الطبية: في حال كانت هناك ضرورة طبية، مثل الاستفادة من الجثة في الأبحاث أو التعليم الطبي، يُشترط أن يتم ذلك بأدب واحترام ولا يتسبب في إهانة الميت.

- إذا تضررت المقابر بسبب الفيضان أو السيول، أو إذا دفن الميت في أرض مغصوبة، أو إذا كانت هناك مصلحة عامة تقتضي نقل القبر، مثل شق طريق أو تحويل مجرى نهر لا يمكن تنفيذه إلا بنقل الموتى، فالنقل في هذه الحالات يكون ضرورة، لكن يجب أن يتم بأقصى درجات الاحترام للميت، فلا يُنقل إلا إذا كانت الطريقة التي تستخدم في نقله لا تمس بحرمة جسده.

- إذا كانت المقبرة قد تأثرت بالمياه الجوفية، فإنه يجوز نقل الميت شرعًا، بشرط احترامه في نقله وحسن معاملته، بعد النقل يجب دفنه بالطريقة الشرعية، التي تختلف حسب نوع الأرض؛ فإذا كانت الأرض صلبة يتم دفنه في لحد أو شق، وإذا كانت الأرض رخوة كما في مصر والدول ذات الطبيعة الأرضية الرخوة، فإن الدفن في الفساقي جائز شرعًا.

وأكدت دار الإفتاء أن الفقهاء قد اتفقوا على حرمة نبش قبر الميت قبل أن يتحلل جسده، وذلك لغير ضرورة، أما في حالات الضرورة، فيجوز نقل الميت، ولكن مع اختلاف في تحديد ما يُعد ضرورة، وقد قرر العلماء أن الحاجة يمكن أن تُعتبر ضرورة في بعض الأحيان، سواء كانت خاصة أو عامة.

العقوبة القانونية

تنص المادة 160 من قانون العقوبات على أنه يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين:

أولًا: كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو احتفال ديني خاص بها أو عطلها بالعنف أو التهديد.

ثانيًا: كل من خرب أو كسر أو أتلف أو دنس مبانى معدة لإقامة شعائر دين أو رموزًا أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس.

ثالثًا: كل من انتهك حرمة القبور أو الجبانات أو دنسها، وتكون العقوبة السجن بفترة مدتها خمس سنوات إذا ارتكبت أى منها تنفيذًا لغرض إرهابي.

فيما نصت المادة 161 مكرر على أنه يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه إحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وترتب على هذا التمييز إهدار لمبدأ تكافؤ الفرص أو العدالة الاجتماعية أو تكدير للسلم العام.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة من موظف عام أو مستخدم عمومى أو أى إنسان مكلف بخدمة عمومية.

بداية الصفحة