كتاب وآراء
عشرة ايام اسقطت كل الخطوط الحمراء
يدور في العقل الباطني للبنانيين مجموعة تساؤلات واستفسارات ، لم يجدوا لها حلاً على الاطلاق بل تزداد غموضاً وتكثر فيها ومعها وحولها الاُحجيات والتكهنات لدرجة وكأنها رجماً من اعمال الغيب . ابرز هذه التساؤلات واكثرها انتشاراً : هل بهذه السهولة استطاع الاسرائيليون ان ان يجدوا امين عام حزب الله ويتخلصوا منه وكأنه صيداً سهل المنال ؟ اليس مستغرباً انه وخلال عشرة ايامٍ فقط بدأت يوم الثلاثاء في ١٧ ايلول - سبتمبر ٢٠٢٤ مع تفجير اجهزة البيجيرز ومن ثم في اليوم الثاني تبعتها تفجيرات اجهزة الاسلكي ومن ثم اطل نصرالله عصر يوم الخميس في ١٩ ايلول ٢٠٢٤ ليشرح الوضع ويتحدث عما حصل وكيف حصل وقد تحدث عن تطور العدو وتفوقه تكنولوجياً لكنه لم يعترف بالخرق الامني ، لا بل استبعده كلياً ومن ثم تم استهداف ابراهيم عقيل نهار الجمعة ، الى ان بدأت سلسلة الغارات صباح الاثنين في الثالث والعشرين من ايلول نفسه وبدأت رحلة عذاب الجنوبيين وبدأت مقتلة الوطن ، ومن ثم سقط الهيكل الذي كان يتحدث ويتوعد ويُناقش في توازن الردع واعداد الصواريخ على انواعها من ذكية وغبية صغيرها وكبيرها وعن الاف المقاتلين .... وانتهى عصر يوم الجمعة في السابع والعشرين من ايلول بسقوط ايقونة حزب الله ، امينه العام حسن نصرالله شهيداً . اليس في الامر ملايين علامات الاستفهام عن لقاءات وتفاهمات وموافقات تمت سراً وفي عواصم بعيدة وفي غرفٍ مغلقة اكتنفها الكثير من الغموض حيناً والصراحة احياناً عن البيع والشراء والاثمات التي تم تحديدها والاتفاق عليها ، حتى تمت الصفقات ومن خلالها تم إسقاط الحطوط الحمراء التي كانت تحمي بعض الاشياء ، وبأن الحماية لم تكن من كنف مقاومة او من اعداد الصواريخ والمقاتلين ، بل حمايات مفروضة من الخارج كان البعض يستقوي بها على ابناء وطنه . اليس غريباً بعض الشيء الذي دار في الايام العشرة الاخيرة ، والتي انتهت بسقوط اساطير كثيرة ؟ ومنها : ان سلطات العدو كانت تتوقع الاف الصواريخ تتساقط على مساحة الكيان الغاصب لفلسطين في حال تعدت بعض الخطوط الحمر ، ولكن بقدرة قادر سقطت كل الخطوط الحمراء ومعها الصفراء حتى غدت خضراء ، معلنةً اجتياح طائرات العدو سماء لبنان من جهاته الاربعة وبدأت تدك كل ارضٍ على مساحة الوطن زارعة الرعب والقتل والدمار ، وفي اغرب حكاية نزوح جماعي من مئات الالف من الجنوبيين والبقاعيين ومن الضاحية الجنوبية ، هجروا اماكنهم وتوجها الى اربع جهات الوطن بحثاً عن آمانٍ مفقود وعن سقفٍ يأويهم بعيداً عن جحيم النار والبارود ، وفيها وخلالها سقطت صورة المارد البطل الذي كانت إطلالته تطمئن البعض وتزعج البعض احياناُ . سقط امين عام حزب الله ، وسقطت معه صورة الحزب والمقاومة والتي بناها على مدار ثلاثين عاماً وخاض خلالها حروبٍ خارجية وبعضها داخلي دون هوادة حتى بدت صورة الحزب والمقاومة كأسطورة خرجت من صفحات رواية عتيفة ...لكنها انتهت بمساء يوم جمعة فيه بعضٌ من قداسةٍ دينية كان ينتظرها بعض المؤمنين ليسبحوا الله ويسألوه رد القضاء او اللطف فيه . سقطت كل الشعارات ، ومعها كل الروايات والحكايا عن بطولات واساطير الاولين وغابت عنها كل القداسة التي حيكت من حولها ، وبدا وكأن الحزب والمقاومة شيءٌ من الماضي او في طريقه الى الزوال وكأن اللبنانيين تُركوا لإجلهم ، ينتظرون القدر وما سيحمله لهم الغد إذا كان هناك من غدٍ يحمل معه بعض من طمأنينة وراحة بال مفقودة بين حطام البيوت والمدن التي هجروها على امل العودة إن كان بقي منها او لها من أثر . انتهت لعبة البطولة ودخل عصر الهزيمة الذي يُحيط بكل شيء ومعه عصور الاحباط و التجارة في كل شيء مع بعض اهازيج الحيانة ، والتي تمظهرت اقانيم وجودها على مدار سنواتٍ وسنوات مكنت العدو من معرفة كل شيء والاحاطة بكل شيء يُريده .