إقتصاد وأعمال
ثلاثة من مليارديرات مصر يتوقعون حال الاقتصاد المصرى وينصحون.. استثمروا في الأكل
أصدرت شركة انتربرايز فنشرز، نشرتها الإخبارية امس، والتي تنقل استطلاع رأي 3 من أهم مليارديرات مصر عن الوضع الاقتصادي، وتوقعاتهم للاقتصاد في العام الجديد، وهم هاني برزي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة إيديتا للصناعات الغذائية، هشام عز العرب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للبنك التجاري الدولي، أحمد السويدي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة السويدي إليكتريك.
◙ هاني برزي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة إيديتا للصناعات الغذائية
هاني برزي، بدأ مسيرته المهنية مع عائلته في صناعة المأكولات الخفيفة في عام 1986، قبل أن يؤسس إيديتا، والتي حولها إلى شركة مساهمة متداولة في البورصة، وأكبر منتج للمأكولات الخفيفة في مصر، إلى جانب ازدهار صادراتها. يجيد برزي لغة الأرقام، وأكثر ما يلفت اهتمامنا هو تركيزه الحاد على استراتيجية شركته والتطوير والابتكار في منتجاتها، وهو ما تعتمد عليه إيديتا لتبقى في الصدارة في قطاع يتسم بمنافسة غير عادية.
وقال برزي في حواره لـ «انتربرايز»: "يصعب التنبؤ بما سيحمله العام الجديد من مفاجآت، وقد تكون تلك المفاجآت جيدة، كما يمكن أن تكون سيئة، ولكن هناك شيء واحد مؤكد، وهو أنه لن تكون هناك قدرة ولو قليلة على التنبؤ".
وأضاف: "يتمثل التحدي الأكبر للاقتصاد في كيفية معالجة الخلل في الميزان التجاري، إلى جانب توفير العملة الأجنبية. ما يقلقني على وجه التحديد هو ما يمكن أن تتخذه الحكومة من تدابير لمعالجة العجز في الميزان التجاري وأثر ذلك على اتفاقياتنا التجارية، سواء كانت اتفاقات تجارة حرة أو اتفاقات مع منظمة التجارة العالمية. يوجد لدينا دومًا آليات نستطيع من خلالها حماية السوق – وهذا منصوص عليه في معظم الاتفاقات – إلا أنه لا يجب أن نسمح بأن يصبح ذلك عكازًا نستند إليه".
وأكد برزي أن الحكومة عليها دور كبير في اتخاذ خطوات لمعالجة البيروقراطية، ويجب أن تنتقل على نحو سريع قرارات ورؤية مجلس الوزراء إلى الموظفين في الجهاز الإداري للدولة.
وأشار إلى أن أكبر التحديات أمام صناعة المواد الغذائية ستكون في الجانب التنظيمي، قائلا: " يتعين على الجهات التنظيمية والرقابية تطوير كيفية التعامل مع الشركات – فعلى سبيل المثال نجد أن ما رأيناه مؤخرًا من مداهمات للمصانع، سواء من جانب وزارة الصحة أو التموين أو الداخلية، بعثت برسالة سلبية للمستثمرين، وأعني هنا ما حدث معنا أثناء أزمة السكر، وما حدث لمصنع هاينز بشأن جودة الطماطم المستخدمة في التصنيع. قد يكون هناك بعض الحالات التي تنخفض فيها جودة التصنيع، ولكن الشركات الجيدة تتدارك ذلك الأمر. ولا يعني وجود اشتباه بحدوث مخالفة أن نسرع إلى اتهام صاحب العمل والتشهير به في الصحف قبل أن تكتمل التحقيقات، ولا نفكر فيما قد يعنيه ذلك للشركة وللقطاع، ولفرص التصدير لدينا كذلك. مثل هذه الأمور تفسد كل جهد نبذله لزيادة الصادرات".
وتابع: "التعداد السكاني في بلدنا بلغ أكثر من 90 مليون نسمة، كما أن معدل النمو السكاني يبلغ ما بين 1.6 إلى 2_ سنويًا. هذه سوق لديها إمكانيات هائلة، كما أنها تمثل أرضًا خصبة لصناعة المواد الغذائية الخفيفة مع تغير العادات الغذائية. ونحن نسعى للعثور على فرص بعد تطبيق الحكومة لبعض القرارات لخفض الواردات. ستخلو الساحة من الموردين، مما يمنح الشركات المحلية فرصة لإحلال منتجاتها محل المنتجات المستوردة".
وأوضح أنه يسعى لاقتناص هذه الفرصة من خلال الاستثمار، عبر إدخال التحسينات على عملية التصنيع لدينا، وتحسين عملية تسليم المنتجات، مؤكدا على حرصه الدائم على الاستمرار فيتقديم المنتجات الجديدة – إلى جانب زيادة الإنفاق على البحث والتطوير من أجل التوصل إلى منتجات جديدة وغير تقليدية تكون عالية القيمة وبذلك نستطيع الاستحواذ على حصة أكبر، لافتا إلى أن الفرص المتاحة لهم اليوم لن تكون دون تكلفة، فالمستهلكين سيكونون أكثر انتقائية نظرًا لارتفاع معدلات التضخم بعد قرار التعويم، ولن يشتروا شيئا لمجرد أنه رخيص الثمن، ولكن سيوجهون دخلهم للمنتجات عالية الجودة.
وعن الاستمرار في الاسثمارات، قال: " بالتأكيد سنواصل الاستثمارات هذا العام. فالفرصة أمامنا كبيرة للغاية، نحب أن نستثمر عندما يتخوف الآخر من اتخاذ تلك الخطوة. فعلنا ذلك في عام 2011، وحصدنا الكثير منذ ذلك الحين. سنستثمر ما بين 350 و400 مليون جنيه هذا العام. يتركز انفاقنا في الوقت الحالي على مصنع مدينة السادس من أكتوبر، والذي سيكون أكبر المصانع المملوكة لنا ونأمل في الانتهاء من تشييده خلال الربع الثاني من "2017.
وعن زيادة الرواتب أكد برزي: " يجب ألا تقل الزيادة في الرواتب لدى أي صاحب عمل في 2017 عن 20_، وسنفعل أي شيء يتعين علينا القيام به لضمان أن الموظفين ذوي الدخل المحدود سيحصلون على زيادات تصل إلى 30_. وستكون الزيادات وفق شرائح بالنسبة لجميع الموظفين لدينا، وستكون الزيادة الأكبر لشريحة العمال. نؤمن بأن المسؤولية الاجتماعية للشركات تبدأ بدفع أجور تكفي للمعيشة، بغض النظر عن الضغوط الخارجية التي قد تتعرض لها قائمة الدخل الخاصة بالشركة".
وأكد هاني برزي، أن القطاع الذي سيحقق أفضل النتائج عام 2017، هو قطاع المواد الغذائية بالتأكيد، لأن المصريين يحبون الطعام، والتعداد السكاني في ازدياد متواصل، والقطاع الذي سيحقق أسوأ أداء هو قطاع العقارات، وعندما يصاب قطاع العقارات بحالة ركود، فإن البلد تصاب بالركود كذلك، وهذا هو السبب في أن أقول بأن هذا العام سيكون غير متوقعًا إلى درجة كبيرة.
لم نر الكثير من فرص الدمج والاستحواذ في السنوات الأخيرة نظرًا لنجاح الأعمال، ولا يتم التفكير عادةً في البيع إذا كانت نسب النمو مرتفعة. أما الآن فالوضع مختلف، فسنرى الكثير من الفرص في السوق، وسنرى أيضا توقف العديد من الشركات في مختلف القطاعات، نظرًا للارتفاع الكبير في التكلفة الاستثمارية، ولن تجد الكثير من الشركات القادرة على تحمل 400 أو 500 مليون جنيه إنفاق رأسمالي لدعم النمو – وهذا الإنفاق يعتبر منخفضًا بسعر الصرف الحالي، لهذا فنحن بالتأكيد نسعى لاقتناص الفرص للاستحواذ على كيانات قائمة.
هناك الكثير من أصحاب الأعمال الذين لفت انتباههم النجاحات التي حققتها الطروحات العامة في العامين الماضيين، وأعتقد أن هذا جعلهم يفكرون في طرح شركاتهم للاكتتاب. وبدون شك، سيشهد عام 2017 المزيد من تلك الطروحات، ربما ثلاثة أو أربعة، والسؤال هو ما إذا كانت تلك الشركات تتوافق مع شروط الطرح.
لو خيروني أن أبدأ عمل تجاري جديد اليوم، لاخترت الاستثمار في التعليم، ليس التعليم العالي، ولكن التعليم المهني والتدريب المهني. تواجهنا صعوبات كثيرة في العثور على العمالة الماهرة، سواء كانوا كهربائيين أو فنّيّ سباكة أو طهاة، كل هؤلاء الأشخاص يتعلمون من خلال التجربة في العمل، وقد لا يكون لديهم مؤهل واحد. التدريب المهني هام للغاية، إلا أن جميع الصناديق الكبيرة التي تستثمر في التعليم، مثل أكتيس وأبراج، لا تهتم بالتعليم المهني.
الصادرات هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر. فالصادرات غير النفطية هي أكبر مصدر للعملة الأجنبية للحكومة المصرية، ومجلس الوزراء يعلم جيدًا أنه ينبغي إعطاء الأولوية للتصدير. نحن بحاجة إلى وجود مجلس أعلى للصادرات، مثل المجلس الأعلى للاستثمار الذي لدينا الآن. ويجب أن نعرف أنه لن يكون هناك نمو مستدام للصادرات دون الاستثمار في التدريب المهني. ما هو حجم صادراتنا في الوقت الراهن؟ 17 أو 18 مليار دولار؟ هذا رقم لا يذكر، إذ كان من الممكن أن نحقق أضعاف ذلك الرقم 30 أو 40 مرة لو أننا فعلنا ما فعله الآخرون على هذا الصعيد في العشرة أو العشرين عامًا الماضية.
أنا متفائل تجاه الصادرات – إذا ما اتخذ مجلس الوزراء الخطوات الصحيحة. لن يكون الأمر بمثابة ضغطة زر، ولكن سيكون بمثابة برنامج متكامل. سمها حسبما شئت، ولكننا بحاجة إلى استراتيجية، ويجب أن تبدأ بتوفير الحوافز والأرض والقوى العاملة المدربة. يجب أن تكون تلك المشروعات بمثابة أولوية وطنية.
◙ هشام عز العرب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للبنك التجاري الدولي
يقود هشام عز العرب البنك التجاري الدولي منذ عام 2002، ومنذ ذلك الوقت تحول البنك ليصبح البنك الأكبر في القطاع الخاص في مصر. ومنذ سنوات عديدة صار سهم البنك التجاري الدولي ذو الثقل الكبير بالبورصة المصرية مؤشرا لحالة الاقتصاد المصري بالنسبة لكثير من المستثمرين الأجانب. عمل عز العرب في القطاع المصرفي في لندن ونيويورك، وكان عضوا منتدبا في "جي بي مورجان" و"دويتشه بنك" قبل أن ينضم إلى البنك التجاري الدولي في عام 2001 كعضو مجلس إدارة ونائب للعضو المنتدب. في نقاشاتنا معه على مدار العام الماضي، كان عز العرب يشير مرارا إلى القوة التي يرى أنها تشكل الصورة الجديدة للقطاع المصرفي: التكنولوجيا، ستقود التكنولوجيا إلى الابتكار والشمول المالي في القطاع، لتساعد على إعادة تشكيل الاقتصاد الوطني. وإليكم أبرز ما جاء في مقابلتنا معه:
2017 سيكون عام التغيير في كل القطاعات الاقتصادية مع استمرار برنامج الإصلاحات الهيكلية وبدء الشعور بتأثير هذه الإصلاحات.
التحدي الأكبر للاقتصاد سيكون تأثير الإصلاحات الهيكلية والصعاب التي تصاحب ذلك بطبيعة الحال. ومع ذلك فإن هذه الإجراءات هي تحديدا ما يحتاجه الاقتصاد، وستضعنا جميعا على أسس أفضل كثيرا، على المدى المتوسط والطويل. ولكن هذه الفترة الانتقالية ستكون صعبة بالنسبة للكثيرين.
مصر في حاجة لتحديد توجهها الاقتصادي. نريد أن نضع هدفا لما نريده للاقتصاد، ويجب غرس هذا الهدف في الـ DNA الخاص بالاقتصاد المصري. هل نحن دولة مصدِّرة؟ إذا كنا كذلك، ما هي نقاط قوتنا الطبيعية؟ ما هي أسواقنا الطبيعية؟ ما الذي نستورده ونستطيع استبداله بمنتجات محلية؟ ما هو دور القطاع الخاص، وأين ومتى يمكن أن تتدخل الحكومة لتوجيه الحوافز للسوق؟
التحدي الأكبر في القطاع المصرفي سيكون مساعدة عملائنا على التعامل مع التحديات التي تطرأ نتيجة تطبيق برنامج الإصلاح بينما نسيطر في الوقت نفسه على المصروفات. الأمر ليس فقط تكلفة القوى البشرية، بل تكلفة كل شيء من الكهرباء، إلى افتتاح أفرع جديدة، كل ذلك سيشهد ارتفاعات بسبب ارتفاع معدلات التضخم. الأمل بالطبع أن تكون الموجة التضخمية حاليا هي أمرا فقط مصاحب للتعويم. ولكن في كل ذلك، لا نختلف عن أي مؤسسة مصرية أخرى، نريد التحكم في نفقاتنا حتى نستطيع تحقيق أرباح قوية للمساهمين لدينا.
لا يزال معدل انتشار الخدمات المصرفية في مصر منخفضا، وهو ما يمثل الفرصة الكبرى بالنسبة لمجالنا. من الواضح أن البنك المركزي والحكومة يضعون الشمول المالي كأولوية في الفترة المقبلة، وسيكون لذلك تأثير قوي، ليس على القطاع المصرفي فقط. كلما دخلت شركات وأفراد إلى النظام المصرفي الرسمي، كلما كان النمو الاقتصادي قويا. يعكس الحراك في القطاع المصرفي، الحركة الأوسع في أداء الاقتصاد المصري. نرى مجالا كبيرا لتوسيع قاعدة عملائنا لتشمل المزيد من الأفراد وعملاء الشركات الصغيرة والمتوسطة وذلك بجانب الشركات، وهذا من شأنه أن يخلق دائرة ضخمة من الودائع والقروض التي تحفز الإنفاق والنمو الاقتصادي.
أتوقع المزيد من الاندماجات في القطاع المصرفي والمالي بالفعل، في ظل برنامج الإصلاح الهيكلي الجاري. أتوقع أن يظهر ذلك بشكل واضح في قطاع الخدمات المالية غير المصرفية، حيث قد نرى لاعبين أصغر حجما يندمجون لخلق كيانات أكبر، أو كيانات صغيرة تشتريها مؤسسات أكبر. شركات السمسرة الصغيرة ستكون تحت ضغط للاندماج.
الصناعات التصديرية ستكون الأفضل أداء خلال العام بلا منازع. وستكون القطاعات التي تعتمد على الاستيراد الأسوأ أداء. أحد المظاهر الهامة خلال هذا العام، هي كيف سيتعامل المصدرون التقليديون والمصدرون الآخرون الذين أصبح لديهم ميزات تنافسية في مجال الصادرات مع السوق المحلية. هل سيستمرون في توجيه منتجاتهم الأفضل للأسواق الخارجية فقط؟ أم سنرى تحسنا في المعروض محليا، من الأثاث وحتى الأغذية؟ بعد أن وجد 90 مليون مواطن فجأة أن الواردات أصبحت مكلفة للغاية، سيكون السؤال هو كيف سيجعل المصنعون منتجاتهم تنافسية من حيث التكلفة، حتى يتمكنوا من تحقيق هوامشهم الربحية، وفي الوقت نفسه، يمكن للمستهلكين المحليين توفير الأموال عبر شرائهم المنتج المحلي الذي لن يتأثر ببعض العوامل مثل اللوجستيات، والجمارك، وغيرها.
إذا فكرت في بدء نشاط جديد اليوم، سيكون في الإقراض متناهي الصغر. الفرصة ببساطة ضخمة للغاية، الطلب هائل، والقطاع ما زال غير مطروق بشكل كبير. النشاط مربح، ومنظم تشريعيا، وجذاب للغاية.
على الصعيد التنظيمي والتشريعي، أعتقد أننا يجب أن ننظر إلى فرص تحرير الصناعات. قطاعنا منظم بشكل جيد جدا من الناحية التشريعية، ولكننا سنحتاج أن نتابع كيف سيتغير ذلك مع التوجه نحو شمول مالي أفضل، ومع الخطوات الأولى في رحلة ممتدة لسنوات سنتحول فيها لاقتصاد أقل اعتمادا على النقود الورقية. نحتاج لتسهيل إجراءات فتح الحسابات للعملاء الأفراد، وتسهيل التواصل بينهم وبين البنوك إلكترونيا. انظر إلى تقنية "سلسلة الثقة" Blockchain، في شكلها الأبسط، ثلاثة أشخاص يصدقون على طلبك لفتح حساب، وهذا تأكيد كافي على هويتك، يوما ما ستتمكن من فتح حساب دون أن تطأ قدمك فرع البنك. من الموافقات الإلكترونية إلى التحول إلى إمساك السجلات إلكترونيا، نريد أن نساعد البنوك لتصبح أكثر ابتكارا في استخدام التكنولوجيا، لجلب المزيد من الأفراد إلى النظام المصرفي، وللسيطرة على المخاطر، ولابتكار منتجات جديدة، ولتوفير النفقات.
هناك الكثير من الحركة حاليا على الصعيد التقني لتوسيع قاعدة العملاء بالنظام المصرفي وتشجيع المزيد من المنافسة في السوق، وهو ما سيؤدي لمزيد من الشمول المالي وتقديم منتجات وخدمات أفضل.
نريد أن نسأل أنفسنا اليوم، كيف سنقيس مدى نجاحنا في نهاية عام 2017. في أي مؤسسة، في أي شركة بالقطاع الخاص، لديك أهداف ملموسة عليك تحقيقها قبل أن تقول "كنت ناجحا، أستحق ترقية، أستحق زيادة، إلخ". أعتقد أنه سيكون من المثمر طرح حوار وطني حول أشكال الأهداف الملموسة التي سنقيس بها مقدار نجاحنا من عدمه في 2017.
◙ أحمد السويدي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة السويدي إليكتريك
قابلنا أحمد السويدي للمرة الأولى قبل أحداث الثورة في عام 2011، عندما كان متوجها لحضور مؤتمر ضخم عن الصناعة، ونجح في إثارة إعجابنا نتيجة لرهانه الجريء على أفريقيا وعلى التصنيع، هنا وفي الخارج. إذا كان هناك أحد في وضع يمكنه من الاستفادة من تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، فلن يكون سوى أحمد السويدي وشركته التي تحمل اسم عائلته، السويدي إلكتريك، أحد أكبر المصدرين في مصر. قاد السويدي عملية تحويل شركته العائلية (العربية للكابلات) إلى شركة ضخمة تمتلك نحو 30 مصنعا في 16 دولة، وتقوم ببيع منتجاتها اليوم في أكثر من 110 أسواق، مما جعلها أحد أكبر مقدمي حلول الطاقة المتكاملة على مستوى العالم. وإليكم أبرز ما جاء في مقابلتنا معه:
2017 سيكون عام التغيير والتأقلم. لم يمر سوى شهرين على تعويم الجنيه، إلا أنني أرى التغييرات إيجابية للغاية، على الرغم من أن الوضع الحالي يمثل تحديا لبعض الشركات. ستؤثر تلك التغييرات سلبا على البنوك، كما سيتأثر كل المقترضين بالدولار.
الأمر الواضح بالنسبة لي، العوامل التي ساهمت في أي نجاح تجاري على مدى العقد الماضي ستكون مختلفة تماما عن العوامل التي ستدفع الشركات للازدهار خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة.
كانت الأعوام الستة الماضية سيئة بالنسبة للصناعة، وكل ذلك يرجع إلى الدولار. وبالنسبة للمصنعين، لم تكن الأزمة في السعر ولكن في توافر الدولار، ويعد سعر الدولار عند 19 و20 جنيها جيد جدا للصناعة. منذ عام 2011 والكثير من أصحاب الأعمال الصغيرة والكبيرة على حد سواء قاموا بإيقاف العمل في مصانعهم، وركزوا بدلا من ذلك على تجارة الأراضي والشقق والعقارات. كان سوق العقارات أفضل من القطاع الصناعي، فعندما كان سعر الدولار 8 جنيهات، كانت قيمة صادراتنا مرتفعة. لم نستطع المنافسة مع الصين والهند وتركيا، ولهذا السبب نرى أن المصنعين توقفوا عن التصنيع وقاموا بدلا من ذلك باستيراد منتجات جاهزة من الصين والهند.
ستتراجع الواردات القادمة من الصين عند سعر 20 جنيها للدولار، وستكون تكلفة الواردات الصينية مرتفعة للغاية مثلها مثل بقية السلع المستوردة. على الجانب الآخر، ستزدهر الصناعة المحلية في فترة تتراوح من 2 إلى 3 سنوات، وخاصة الصناعة التي تعتمد على التصدير أو تلك التي توفر سلع بديلة للواردات. ورغم أن الوضع الحالي يمثل تحديا لمصر، إلا أنه أيضا يوفر فرصا للبلاد. مستقبلنا يكمن في الصناعة.
التحدي الأكبر أمامنا هو توفير الحكومة لسياسات مستقرة، فنحن بحاجة إلى قواعد وأنظمة مستقرة بعيدا عن التغيرات السريعة كل شهر حول ما هو مسموح وما ليس مسموحا، وما له الأولوية وما يمكن إرجاؤه. نحن بحاجة إلى إطار واضح لخطة عمل مدتها 5 سنوات فيما يتعلق بالضرائب والجمارك وتخصيص الأراضي للمشروعات الصناعية. نحن بحاجة إلى الاستقرار، وهذا ما سيجعل التوقعات المستقبلية لمصر ممتازة.
أشعر بالرضا بنسبة كبيرة فيما يتعلق بالوضع الحالي لأعمالنا، نوجه 70_ من منتجاتنا للأسواق الخارجية و30_ للسوق المحلي، كما أن أعمالنا في السوق المحلي تركز بنسبة كبير على أهداف وتحركات الحكومة. نشيد ثلاث محطات كبيرة للطاقة، وسيكون تركيزنا خلال الفترة المقبلة على العمل في تشييد محطات محولات الكهرباء، والكابلات والأبراج التي تعتبر جزءا أساسيا من نشاطنا الرئيسي.
أتوقع أن تحقق مصر وأفريقيا نموا كبيرا خلال الأربع سنوات المقبلة، أشعر بتفاؤل شديد حيال الوضع في أفريقيا.
أسواقنا التقليدية هي دول الخليج وأفريقيا، وإلى حد ما أوروبا، وهي المناطق التي تربطنا بها اتفاقيات تجارية تحقق لنا مزايا نسبية، ونحاول الاستفادة من قربها الجغرافي لنا.
فيما يتعلق برفع الأجور: تكاليف الإنتاج بالشركة مقومة بالدولار، وبالتالي تراجعت بنحو 50_، ولذلك إذا قمنا بزيادة معدل صادراتنا فإن أرباحنا ستزيد أيضا، وسوف يستفيد الموظفين لدينا من ذلك بدون شك. رفع الرواتب ليس خيارا بل واجبا. وأعلننا بالفعل عن زيادة في المرتبات، وأنا أعتقد أن الأزمة بالنسبة للجميع تكمن في كيفية تنامي العائدات الخاصة بالشركات حتى نتمكن من تلبية احتياجات الموظفين.
لن يكون هناك الكثير من الخصخصة داخل قطاع الكهرباء. قامت الحكومة بالاستثمار في مشروعات لتوليد أكثر من 25 جيجاوات خلال السنوات الثلاث الماضية، وبات لدى الدولة طاقة إنتاجية فائضة من الكهرباء الآن قادمة من مشروعات مملوكة لها. ولا توجد نية أو مخطط لبيعها. ولا أعتقد أن الحكومة تخطط للسماح للقطاع الخاص بامتلاك محطات توليد الكهرباء. قد يكون هناك مجالا لمساهمة القطاع الخاص في مجال التوزيع.
ومع وصول سعر الصرف إلى 20 جنيها مقابل الدولار، فمن المؤكد أنه سيكون هناك المزيد من الطروحات العامة. ستتعرض الشركات إلى مشاكل تتعلق بالسيولة وستقوم البنوك بإعادة تقييم كل شركة على حدة، لذلك لست متأكدا من أن معدلات اقتراض الشركات سترتفع خلال الفترة المقبلة، لاسيما مع مستوى أسعار الفائدة الحالي. وبناء على العاملين السابقين، فقد تلجأ الشركات إلى الطروحات العامة لتحسين وضعها المالي وقدرتها على التوسع في أنشطتها المختلفة.
ولنفس الأسباب، أنا متفائل بشأن عمليات الدمج والاستحواذ، ولكننا لن نشارك فيها. نحن في وضع يرضينا الآن. وسنركز في 2017 على عملياتنا، كما سنركزعلى تحسين هيكل الشركة لدينا.
أتوقع أن يزدهر قطاعي الزراعة والأغذية في عام 2017، إلى جانب القطاعات التي توفر منتجات بديلة عن الواردات، وخاصة إذا كانت الواردات باهظة الثمن. كما أراهن أيضا على أي صادرات قائمة على أساس خامات محلية.
أتوقع أن من كان يعيش في رفاهية خلال الفترة الماضية سوف يعاني خلال العامين المقبلين. امتلاك سيارة سيكون أمرا صعبا، خاصة الفئة الأعلى من السيارات.
إذا فكرت في بدء نشاط جديد اليوم، سأرغب حتما في التوجه إلى الصناعات الغذائية لتشجيع الإنتاج من أجل الاستهلاك المحلي.
يجب أن تكون مضاعفة الصادرات خلال العامين المقبلين على قائمة الأولويات التشريعية لدى الحكومة. هذا يتضمن الدعم الكامل للصناعة المحلية بما في ذلك حوافز الاستثمار. تحتاج الحكومة إلى مساعدة الشركات المحلية لتطوير معايير الجودة لديهم من أجل مطابقة المعايير العالمية للصادرات، كما أن المصنعين بحاجة إلى المساعدة لتعلم كيفية اختراق أسواق تصديرية جديدة.
أنا متفائل بشأن 2017، فسوف يكون عاما جيدا لنا، خاصة وأن الخمسة أعوام الأخيرة شهدت تدهورًا ملحوظًا في معدل النمو وفي خلق فرص العمل. عانت الشركات أيضا من ذلك التراجع، كما اضطرت إلى الاستغناء عن العاملين لديها.
الصناعة بحاجة إلى ازدهار التوظيف خلال العامين المقبلين وهذا ما نحاول فعله خلال الفترة الحالية. ولهذا السبب أيضا تقوم مبادرة المسؤولية الاجتماعية للشركات التابعة لنا بالتركيز على بناء المدارس الفنية، كما نقوم بالاستعانة بإدارة ألمانية لتلك المدارس ولدينا حاليا نحو 1000 طالب، وهدفنا الوصول إلى 10 آلاف طالب في فترة من 5 إلى 6 سنوات مقبلة. نبدأ بتعليم الطلاب من مرحلة التعليم الأساسي إلى أن يصبحوا مؤهلين للعمل كخبراء فنيين. الأمر ليس متعلقا فقط بالمهارات الفنية، ولكننا نوفر لهم أيضا وجبات يومية ورواتب وتدريب لغوي ومهارات أساسية.
دعني أخبرك أن المهارات التي يتمتع بها هؤلاء الطلاب هي مهارات فائقة، كما أنهم المفتاح الحقيقي لمضاعفة الصادرات. نحن بحاجة إلى مزيد من الاستثمار في مجال التدريب المهني، لأن العاملين المهرة هم المفتاح الحقيقي لخلق أسواق جديدة للصادرات.