تقارير
حادثة طالبة مدرسة التجمع تسلط الضوء على التحديات السلوكية والنفسية في المدارس الدولية
شهدت إحدى المدارس الدولية الشهيرة في منطقة التجمع الخامس حادثة اعتداء جسدي مؤسفة تعرضت لها طالبة على يد زميلاتها، ما أثار جدلاً واسعًا حول مستوى التربية والتعليم في المدارس الدولية، خاصة من الجوانب السلوكية والنفسية والتربوية.
الحادثة كشفت عن خلل واضح في إدارة السلوك الطلابي وغياب فعّال لدور الإرشاد النفسي والاجتماعي في تلك المؤسسات التعليمية.
وفور انتشار افيديو الحادثة، وجه محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بإرسال لجنة من الوزارة إلى المدرسة للتحقيق في الواقعة واتخاذ كافة الإجراءات القانونية، وتقرر بشكل نهائي فصل الثلاث طالبات المعتديات على الطالبة، وذلك بعد ساعات قليلة من قرار الوزارة بتشكيل لجنة موسعة للتحقيق في الواقعة.
الجانب السلوكي ضعف في الرقابة والانضباط
ويقول الدكتور وائل وفاء، استشاري العلاقات الإنسانية وتنمية المهارات، إن المدارس الدولية عادةً تعتمد على أنظمة تعليمية عالمية تهتم بتطوير المهارات الأكاديمية، إلا أن هذه الحادثة أظهرت ضعفًا في تطبيق سياسات الانضباط السلوكي.
وأضاف أنه يُفترض أن توفر المدارس بيئة آمنة تضمن احترام الطلاب لبعضهم البعض، مع تطبيق لوائح صارمة للحد من العنف والتنمر. ولكن الاعتداء الذي وقع يشير إلى قصور في الرقابة المدرسية وعدم تفعيل آليات الوقاية من السلوكيات العدوانية بين الطلاب.
الدكتور وائل وفاء استشارس العلاقات الإنسانية وتنمية المهارات
الجانب النفسي غياب الدعم والإرشاد
ومن جانبه، يرى الدكتور علاء الغندور استشاري التأهيل النفسي والسلوكي أن الصحة النفسية تلعب دورًا حيويًا في تكوين شخصية الطالب، وهو ما يبدو أنه تم تجاهله في العديد من المدارس الدولية؛ حيث غياب وحدات الإرشاد النفسي أو ضعف تأثيرها قد يؤدي إلى تراكم مشاعر سلبية عند الطلاب، ما يدفع بعضهم للتصرف بعنف أو التنمر على زملائهم، لافتًا في هذه الواقعة، كان من الممكن أن تُجنّب جلسات الدعم النفسي والإرشاد السلوكي مثل هذه الأفعال، لو كانت مفعّلة بشكل كافٍ.
الدكتور علاء الغندور استشاري التأهيل النفسي والسلوكي
الجانب التربوي التعليم لا ينفصل عن التربية
وفي السياق ذاته، وصف الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس أن ظاهرة العنف سالفة الذكر ظاهرة خطيرة من الناحية التربوية خاصة أنها صادرة من إناث وليس ذكور، لافتًا أن تلك الفئة العمرية من الطلاب لديهم ميول اندفاعية والتي تدفعها لارتكاب مثل هذه السلوكيات العدوانية.
وتابع: على الرغم من تميز المدارس الدولية أكاديميًا، إلا أن الجانب التربوي غالبًا ما يأتي في مرتبة متأخرة. التربية ليست مجرد تقديم معلومات بل هي غرس القيم والمبادئ الأخلاقية. وهذه الحادثة تعكس نقصًا في تعزيز القيم الإنسانية مثل الاحترام والتسامح والتعايش السلمي. يجب على المدارس أن تدمج بين التعليم الأكاديمي والتربية الأخلاقية لضمان بناء شخصية متكاملة للطلاب.
وواصل كما أن ما هناك ما يسمي بالميول السادية ، وهي أن يكون الشخص المعتدي يشعر باللذة عند اعتدائه على الآخرين، بالإضافة إلى الشعور دوما بما يسمى بـ"الاستحقاق" - من حقي فعل أي شيء مادام بفلوسي-، فضلا عن التراكمات السلبية مع الطلاب وبعضها البعض، وغياب التربية والتنشئة التربوية السليمة خاصة من الأبوين.
ويرجع الخبير التربوي وأستاذ علم النفس، الدكتور تامر شوقي، أن هذه الواقعة تجعلنا نقف أمام افتقاد الأولاد إلى مهارات الضبط الانفعالي سواء بالمنزل أو المدرسة.
كما يتفق شوقي مع الغندور على أن غياب دور الأخصائي النفسي بالمدرسة أدى لحدوث هذه الواقعة ووقائع ممثلة والاقتصار على الجوانب النظرية الجافة وعدم حرصها على غرس القيم الأخلاقية لدى الطلاب، وشعور المنافسة والغيرة بين الطلبة بعضهم البعض، منوهًا على تأثير مشاهد العنف في الدراما ومواقع التواصل الاجتماعي ساعدت على ذلك أيضا.
ويرى شوقي أن عدم تطبيق العقوبات بشكل صارم على المخالفات السلوكية التي تحدث في المدارس والمدارس الدولية على وجه الخصوص نظرًا لاعتبارات أخرى مثل"سمعة المدرسة" مما شجع الطلاب على التمادي فيها.
أهمية تطوير سياسات المدارس الدولية
وحذر شوقي من هذه الظاهرة، وأن مثل هذه الحادثة تمثل جرس إنذار لإدارات المدارس الدولية لمراجعة سياساتها التربوية والنفسية والسلوكية، لذا من الضروري تعزيز الرقابة والانضباط بتطبيق سياسات صارمة لمنع العنف المدرسي بكل أشكاله، مع تفعيل وحدات الدعم النفسي وتوفير أخصائيين نفسيين لمتابعة الطلاب وحل المشكلات قبل تفاقمها، بالإضافة إلى إدماج برامج القيم الأخلاقية وذلك بتنظيم ورش عمل ودورات لتعزيز الأخلاق والسلوكيات الإيجابية، وتعزيز الشراكة مع أولياء الأمور من خلال إشراك الأسرة في معالجة المشكلات السلوكية لضمان تأثير تربوي متكامل.
الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس والخبير التربوي
وأردف شوقي أن تلك حادثة طالبة مدرسة التجمع تكشف عن ضرورة إعادة النظر في منظومة التربية والتعليم داخل المدارس الدولية، مع التركيز على بناء بيئة تعليمية آمنة وصحية نفسيًا وسلوكيًا. فلا يمكن للتعليم الأكاديمي أن يحقق أهدافه دون أن يُصاحبه تربية متوازنة تضمن إعداد جيل واعٍ ومسئول.