كتاب وآراء
اثر مستوي الصحة النفسية علي تصديق وترديد الشائعات
الشائعة قنبلة موقوته، وحرب من حروب الجيل الرابع، اعتي من أقوى الأسلحة الفتاكة ، وإذا ما كانت حياتنا تمثل دائرة ندور في فلكها ، فمركزها الشائعة وقطرها الصحة النفسية التي تدور حول مركز الدائرة ، ومن ثم نجد الأثر البالغ للصحة النفسية علي تصديق وترديد الشائعات ، فالحالة النفسية التي عليها مصدقو ومرددوا الشائعات تتشكل لدي الأفراد من خلال مستوي الصحة النفسية لديهم وكذلك خصائصهم الشخصية والاجتماعية ، وانماط شخصياتهم وسماتها التي يتصف بها كل فرد وتميزه عن غيره. توصل الباحثون الي خمس سمات نفسية لمروجي الشائعات ومصدقيها تتمثل في الذكاء والتملق ، القدرة علي الإقناع، اللأاخلاقية، السيكوباتية، السذاجة البلهاء ، وهذة السمات الخمس تشكل نمط شخصية هؤلاء المروجين والمصدقين علي حد سواء، وحين الربط بين علم النفس والسياسة نجد محمد عثمان الخشت قد تناول في كتابه الشائعات وكلام الناس ، حديثا يدور حول أسرار التكوين وفنون المواجهة ، هذا الحوار الممنهج والمقنن مفاده دراسة دور الشائعات في تعبئة الرأي العام ، نشر هذا الكتاب في مكتبة ابن سيناء للطباعة والنشر بالقاهرة. من الجدير بالذكر أن الشائعات تعد من أهم الأساليب النفسية والاجتماعية لترويع الأفراد والمجتمات حيث انها لا تقتصر علي زمان او مكان معين ، ويظهر خطرها جليا في الأزمات ، هذا وتختلف الشائعات عن غيرها من الأساليب الأخرى للحروب النفسية في ان الوسيلة التي تحملها وتنقلها وتزيد من حدتها وفعالينها المجتمع المستهدف نفسه والهدف المراد ترويجه، فما ان تصل الشائعة الي بعض أفراد المجتمع المستهدف حتي يقومون بترويجها الي كل من يعرفون وعن طريق كافة وسائل التواصل الإجتماعي، ويصل الأمر للبعض ليس للنقل فقط بل الإضافة عليها واستخدام التهويل والتضخيم ومعظم خصائص التشويهات المعرفية. وفي سياق متصل نجد ان الشائعة ليست ظاهرة حديثة ، بل لها جذور ضاربة في عمق التاريخ ، وقد لجا إليها واستخدمها الأفراد والجماعات والدول والقادة ، فكفار قريش اتهموا الرسول صلي الله عليه وسلم بالكذب والسحر والكهانه ، واشاعوا ذلك في الناس، لذلك فإن الدول تهتم بتوظيف الشائعات في تحقيق أغراضها، ونجد العلماء والباحثين يحاولون الكشف عن العوامل المختلفة التي تساعد علي ترويج الشائعات والدوافع الكامنة وراءها، وقد ورد ما يفيد بذلك في مؤتمر الصحة العالمية الذي تناول فيه العلاقة بين مستوي الصحة النفسية للافراد ودرجة قبول وترديد الشائعة المسموعة أو المقروءة . هذا وتتعدد الشائعات من إشاعة التثبيط وإشاعة الدجل وعلم الغيب ، وإشاعة الغلاء الذي يجتاح العالم بأسره ، وهي أشد الشائعات خطوره حيث انها تمس حياة كل مواطن ، إشاعة التثبيط حيث تفتر الهمم وتصاب النفوس بالياس والاحباط ، ويعتمد مروجو هذة الشائعات علي بث جزء من الحقيقة ، ثم لا يلبثوا أن يلصقون بها الأكاذيب، ويوظفون هذة الشائعات حسبما يحلو لهم بعد تضخيمها ، ويختارون لترويجها أحرج الأوقات، فتنتشر بسرعة وتصعب محاصرتها ، وهي من أقسى أنواع الحرب النفسية حيث انها تحقق أهداف خبيثة يبتغون منها بلبلة الرأي العام وتدمير الروح المعنوية وإثارة الفرقة والعداء وتكدير الرأي العام ، ومن هذا المنطلق كان للصحة النفسية دورا بالغ الأهمية في التشكيل المعرفي والوجداني والسلوكي للافراد .