كتاب وآراء
... ' لا تحرق الأخضر واليابس ' ...

أَزِل الحشائش الضارة من التربة، ولا تنزع معها النباتات المفيدة، وتُميتها فتصبح أرضك
جدباء لا زرع، ولا ماء
بعض الفيديوهات التي تشاهدها على مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات التي تدخل هاتفك الجوال
أو الموبايل دون استئذان قد تكون مصدر من مصادر الحصول على المعلومات المختلفة أو الترفيه
فما الضار في بعض التسلية والمتابعة ولكل منا أهدافه الخاصة التي تجعله يشاهد ويتابع الفيسبوك أو الانستجرام أو التيك توك ومنا مَنْ يستخدمها بهدف الحصول على الشهرة والانتشار وقد تكون لتحقيق العائد المادي ولا أُنكر صعوبة تحقيق هذا العائد المادي إذ يجب عليك أن تقوم بالنشر بشكل متواصل دون انقطاع وخلق الأفكار الجديدة والمبتكرة دائمًا والبعض يمتلك تلك الموهبة الرائعة ويستخدمها بالصوت والصورة لإفادة الآخرين أو لتحقيق عدد كبير من المشاهدات وقدر لا بأس به من المتابعين وتحقيق الأرباح من تلك الفيديوهات المسموعة والمرئية وهذا هدف مشروع طالما يتوافق مع الأخلاق والعادات والتقاليد والقانون والدين
وبما لا يخالف معايير المجتمع ولا يضر به ولكن إن لم يحقق هذا الهدف المرجو منه أو يمد المشاهدين بالفائدة التي تستحق المتابعة فهو شيء يسئ لأفراد المجتمع ولا يرتقي به أو يقدم أي نوع من أنواع الثقافة أو المعلومات المفيدة وهنا نتطرق لظاهرة فيديوهات الفيسبوك واليوتيوب والتيك توك التي نشاهدها جميعا بلا استثناء صغير وكبير على حد سواء وتمر أمام أعيننا وتعبر لرؤوسنا وتتخلل مسامعنا دون استئذان
وتنامى إلى علمنا مؤخرًا الحدث الأخير وهو وفاة التيك توكر الذي قد يكون شهيرًا لدى البعض بينما الآخرين لا يعلمون عنه شيئًا "شريف نصار" الذي وافته المنية بشكل مفاجئ وغير متوقع وإصابته بأزمة قلبية أدت إلى انتقاله لعالم آخر قد يكون أرحم به من عالمنا المتسارع المتلاحق الصدمات والآلام والذي يفاجئنا كل يوم بحدث جديد أكثر إيلامًا من الذي قبله هذا العالم الذي أصبح جلادًا يصطاد ضحاياه ويستمتع بإيذائهم وظلمهم بشتى الطرق والأساليب الممكنة تلك السادية التي انتابت البشر وهؤلاء الذين سمحوا لأنفسهم إطلاق الأحكام دون حق ودون أي منطق أو إعمال العقل والتفكير قبل النطق بحُكم الإعدام على أُناس لا ذنب لهم بل وتأليه أنفسهم وفرض قوانين خاصة بهم للحلال والحرام والسيء والجيد وليسوا بالمؤهلين لذلك فالخالق وحده هو الذي يُحاسب ويُثيب ويُعاقب أما أن يسمح البعض لأنفسهم بتنصيب أنفسهم آلهة فهو مرفوض شكلًا وموضوعًا وليس من الدين ولا العدل في شيء، أن تجعل نفسك من الحكماء ولا تمت لهم بأي صلة وتريد فرض آرائك على الآخرين ليس من الحكمة في شيء أن تجلد إنسانًا بسوط عذابك وعقدك النفسية ليس من حقك فالله واحد أحد وليس له خليفة على الأرض، يمكنك أن ترفض ما يضرك أو يشوه سمع وبصر أطفالك ولكن التنمر يا عزيزي صفة قميئة
وقد يكون من تتنمر عليه أفضل منك خلقًا وعلمًا
وقد يكون مذنبًا ولكن ما الذي يجعلك واثقًا أن الله
لن يقبل توبته ويدخله جناته بلا سابقة حساب ولا عذاب، وما أدراك بظروف هذا الذي تتنمر عليه قد يكون مريضًا نفسيا يحتاج لعلاج، وقد يكون رسالة لغيره يعظ الله بها الآخرين ، مُقدٌِموا المحتوى بأشكاله المختلفة على السوشيال ميديا منهم الردئ ومنهم المحترم الجيد الذي يفيد الناس أن تحجر على الأفكار ليس من حقك هناك قانون يعاقب وهناك رقابة ومن يفعل المشين يُعاقب ومَن يضل ويتعلم ويقدم المفيد لماذا نحكم عليه بالموت ونقوم بسَبِّه وقذفه وقذف أهله والتهكم عليه ؟
إن أردت أن تُعبٌِر عن رأيك لك الحق في ذلك ولكن دون تجريح يتسبب في دمار حياة إنسان
ويؤدي إلى موته بعد صدمة عنيفة من رفض المجتمع له، وكان الأفضل توجيهه والاستفادة
من موهبته بدلًا من الهجوم عليه، وهنا لا أدافع عن "شريف نصار" رحمه الله ولا أثني على محتواه ولكني أرفض التنمر وإيذاء إنسان قد يحتاج لإرشاد نفسي وعلاج وقد يحتاج لتبني موهبته الفنية
والفن ليس له عُمر يا عزيزي فأنت تتعامل مع موهبة قادرة على الظهور وقد تعطي رسالة للآخرين يحتاجونها فليس لنا شأن إن كان طفلا أو كهلا
أو عجوزا أو امرأة أو رجل وأعني هنا الفن الهادف وليس الابتذال والعري الذي يقدمه البعض والذين يجب ردعهم من خلال أجهزة الدولة المسؤولة
عن الرقابة والحساب
لا يمكنك إغلاق وسائل التواصل الاجتماعي
ولا يمكنك إغلاق التطبيقات المختلفة، فكل يوم هناك الجديد وإن أغلقت هذا يظهر هذا ولكن يمكنك معالجة ذلك عن طريق التوعية والإرشاد من قِبَل المُختصين من إعلاميين، ودعاة، وعلماء النفس، ومتخصصي التنمية البشرية وغيرهم يمكنك تقديم النماذج الناجحة ودعمها وإظهارها فليس القمع فقط هو الحل ابحث عن جذور المشكلة ولماذا كل من هب ودب يعمل فيديوهات تافهة وليس لها معنى أو فائدة تُذكر كما أن هذا الذي يقوم بالتعليق بشكل سلبي قد يكون إنسانا فاشلا في حياته شعُر بالغيرة ويريد هدم غيره بكلماته الجارحة ليصبح مثله إذن عليك علاج المجتمع كله الفاعل والمفعول به العارض والمُشاهد على حد سواء تقديم رسالة عامة تنصح وترشد لا تهدم وتُحَقِّر من شأن الآخر وهذا ليس خيالًا فكريًٌا بل هو عمل مجتمعي يجب أن نتوحد فيه جميعا حتى ننهض بمجتمعنا وثقافتنا ونحافظ على تراثنا وعقائدنا وأخلاقنا لنواكب الأمم المتحضرة