كتاب وآراء

حكايات من الحياة

كتب في : الثلاثاء 02 يوليو 2024 - 12:43 مساءً بقلم : حنان فاروق العجمى

 

تختلف الشخصيات وتتباين الطباع بين الأفراد ويختلف الرجل عن المرأة في الصفات الشكلية والجسمانية وتفكير كل منهما عن الآخر

فالمرأة تستخدم فصي المخ في أي نشاط دماغي أو جسماني تقوم به بينما يستخدم الرجل فص واحد فقط، فيمكن للمرأة أن تقوم بعدة أعمال في وقت واحد بينما الرجل لا يستطيع إلا تنفيذ عمل واحد فقط هكذا يعمل دماغ كل منهما فلكل منهما طبيعة خاصة خلقه الله عليها، بالطبع هذا شيء متعارف عليه وليس بجديد، ولكن هل تساءلت يا تُرى كيف يؤثر هذا بشكل كبير على حياة كل منهما وتعاملاته مع الآخر؟
مثال حي للمرأة في منزلها تجدها إن كانت تعمل تصحو مبكرا عليها أن ترتدي ملابسها بسرعة لتذهب لعملها وتحضير وجبة الإفطار لأبنائها وزوجها ومساعدة الأبناء في ارتداء ملابسهم للذهاب للمدرسة إن كانوا صغارا والقيام بكي الملابس وغسل الأطباق بعد الانتهاء من وجبة الإفطار وترتيب سريع لغرف النوم قبل نزولها وتحضير حقائب الأولاد التي سيأخذونها معهم والسناكس أو الوجبة الخفيفة التي يتناولها الأطفال أثناء اليوم الدراسي والاطمئنان على كل طفل هل تناول دواءه أم لا وترتيب الشعر وتلميع الأحذية وانتظار باص المدرسة والنزول بهم لركوب الباص والحديث مع المشرف عن الباص للاهتمام بأطفالها والتأكيد على مواعيد العودة من المدرسة وإن لم يكن هناك عربة مخصصة أو باص للمدرسة تقوم الأم بتوصيلهم بنفسها وإن كان لديها سيارة وتستطيع القيادة فعليها مهمة التوصيل بسلام وإن لم يكن لديها سيارة تركب بهم المواصلات العامة وقد تختلف مدارس الأولاد حسب المرحلة العمرية ويختلف المكان وعليها بعد هذا الذهاب إلى عملها مسرعة حتى لا تتأخر عن مواعيد عملها الرسمية وأثناء الطريق تفكر ماذا ستُحضِّر لهم لوجبة الغداء وما هي الأشياء التي سوف تشتريها من السوبر ماركت أو السوق وتحتاجها لإعداد الطعام وكذلك تفكر في مواعيد دروس الأولاد الخصوصية كما هو متعارف عليه بمصر لمساعدة الأبناء في تحصيلهم الدراسي وهو شر لابد منه ومصاريف إضافية فوق مصاريف المدارس إن كانت خاصة أو انترناشيونال بل تجد بعض الأمهات يذاكرن بأنفسهن للأبناء أثناء تأدية الأعمال المنزلية من ترتيب وتنظيف للمنزل وإعداد الطعام وقد يتخلل هذا كله الذهاب للنادي لممارسة التمارين والأنشطة الرياضية للأولاد وهنا نتحدث عن الطبقة المتوسطة ماديا فتجد المرأة مثل النحلة لا ينتهي عملها طوال اليوم بينما زوجها أو الرجل مهمته هي الذهاب لعمله فقط للإنفاق على الحياة المعيشية ونجد الطبقة الاجتماعية الأقل قد تعمل فيها المرأة وقد تكون ربة منزل وظيفتها الرئيسية الأعمال المنزلية وتربية الأبناء وهناك مثال قوي للمرأة الريفية في القرى تجدها تذهب إلى الحقل لمساعدة زوجها في أعمال الفلاحة والزراعة بالأرض لأنها مصدر قوتهم اليومي ويبيعون المحصول الناتج للإنفاق على حياتهم المعيشية وبكل الأحوال تتحمل المرأة مسؤولية وعبء كبير ولكن هذا الطرح ليس بغرض الانحياز للمرأة أو توضيح أهمية دورها وعنائها ولكنه بغرض معرفة سر كيف يعمل عقل المرأة؟
كيف تفكر المرأة بأكثر من شيء في وقت واحد وتقوم بتنفيذه؟ بينما لا يستطيع الرجل فعل ذلك؟
وهل هذا يتسبب في وجود المشاكل أثناء التعامل بينهما وله تأثير كبير على العلاقة بينهما؟
للأسف الشديد الإجابة أن هذا هو الراقع وبالطبع يؤثر ذلك على العلاقات المختلفة بين الرجل والمرأة وأقصد بذلك في العمل كرئيس ومرؤوس وكذلك العلاقات الزوجية وحتى الاختلاف بين الأخوة ذكور وإناث
إذن هل يوجد حلول لعدم تفاقم المشاكل وإلقاء التهم من قِبَل كل طرف على الآخر؟
بالتأكيد لا يوجد شيء ليس له حل بإعمال العقل وتَفَهُّم كل طرف لطبيعة الآخر وقدراته الخاصة وكيفية تعامله مع المهام والظروف الحياتية دون لجوئهما لتوجيه اللوم لبعضهما البعض أو محاولة كل طرف التهرب من المسؤولية في مواجهة المشاكل التي تواجههم أثناء التعاملات اليومية 
سأذكر بعض الأمثلة لضيق أفق بعض الرجال في تعاملهم مع المرأة والمثال هنا هو لأحدهم وليس على وجه العموم فهي إحدى التجارب أو النماذج غير المريحة من الطباع 
تقدم أحدهما لامرأة على قدر من الثقافة والأخلاق والجمال والرقي والأصل الطيب يشهد به جميع مَنْ يتعامل معها وليس بالشاب الصغير المراهق أو مَنْ يفتقد الخبرة بالحياة واتضح هذا من تقديمه وتعريفه بنفسه لها فهما على قدر من النضج العقلي الذي يسمح لكل منهما بالحكم جيدا على الأمور ووضع الأمور بنصابها الصحيح وقد كان الطلب المتعارف عليه هو التعارف فالإعجاب وحده لا يكفي لاتخاذ قرار هام ومصيري بالزواج فالمرأة الآن بمجتمعاتنا 
لا تتزوج فقط بهدف الزواج والإنجاب وليست كالرجل الذي يمكن أن ينجذب لامرأة من أول مرة ويقرر التعرف عليها بل أصبح للمرأة حسابات أخرى والحديث هنا عن الزواج المتعقل وقد يكون بمرحلة عمرية تخطت سن العشرينات والثلاثينات بمرحلة عندما تفكر فيها المرأة بالزواج تفكر بعقلها قبل مشاعرها وإن صاحبت المشاعر العقل فتأكيدا هو اختيار موفق وقد ندر ذلك بهذا الزمان، ما يشغل المرأة بمرحلة عمرية أكبر من مرحلة الشباب ليس هو فستان الزفاف الخيالي ولا الحفلة الأسطورية أو وسامة الرجل أو أسلوبه المغالى فيه في التعبير عن مشاعره الجياشة ناحيتها فهي لن تصدق هذا ولن يدخل عقلها بسهولة فهي ليست بالطفلة المراهقة وخاصة إن كانت امرأة مثقفة وعلى قدر كبير من الحكمة ما يشغلها بعد الاطمئنان عن أخلاق من تقدم لها بالزواج هو أصله وجذوره ومركزه الاجتماعي وقدرته على تحقيق التوافق الفعلي بينها وبينه على كافة المستويات عقليا واجتماعيا وماديا وتوفير عيشة كريمة آمنة خالية من المنغصات والمشاكل يسودها التفاهم بين الطرفين واحترام كل منهما للآخر ومراعاة كل منهما لظروف الآخر كما أن الجانب المادي وواجب الإنفاق على الرجل من الشروط الأساسية لبناء حياة زوجية سليمة فالرجل مُكلف وليس مشارك أو مُخيَّر للإنفاق على زوجته وتأسيس منزل الزوجية وهذا ما نص عليه ديننا والشرع الذي نرجع إليه في أمور حياتنا
نعود لمثالنا وتحديد ميعاد للمقابلة بين أحدهما الذي تقدم لإحداهن للزواج وقد تحدثنا سابقا عن اختلاف التفكير بين الرجل والمرأة، نجد أول ما يشغل الرجل هو مظهر المرأة وشكلها بينما ما يشغل المرأة بخلاف ما سبق ذكره من أخلاق وأصل وقدرة على الإنفاق وقبول هو كيف يتعامل الرجل معها طريقة حديثه، نبرة صوته، هل هو إنسان عصبي؟
هل هو مُتسرِّع في الحكم على الأمور؟ هل من صفاته البُخل؟ والبخل هنا ليس فقط البخل المادي الذي هو كارثة كبرى بل أيضا البخل العاطفي في التعبير عن مشاعره، يشغلها أيضاً مظهره وأسلوب ارتدائه لملابسه ومواكبته للعصر وارتدائه ما يناسب سنه ومركزه ومركزها الاجتماعي ويشغلها أيضاً أسلوب تعامله مع الآخرين هل هو إنسان فظ في معاملته مع الآخرين أم هو لين ويحترم الآخر؟ هل يكذب ليبرر تصرفاته أم أنه صادق وواثق من نفسه وكلامه وأفعاله؟ كيف يتعامل مع المواقف المختلفة والمشكلات بتَرَوِّي وحكمة؟ ما هي طموحاته؟ هل الزواج عنده مجرد صفقة واتفاق وزواج شكلي أم هو بناء حياة مع إنسانة تتوافق معه فكريا واجتماعيا ونفسيا وعلاقة قائمة على المودة والرحمة؟ كل هذا وأكثر يدور بعقل المرأة العاقل الرشيد وإن لم تفكر في هذا كله وتجد الإجابات الشافية لهذه الأسئلة لن تتزوج المرأة فهي بمنزل أهلها تعيش معززة مكرمة لا ينقصها شيء فما الذي يجبرها على الزواج من رجل كل ما يشغل تفكيره شكلها الخارجي أو أنها بمثابة صفقة تجارية هل ستساعده وتشارك في الإنفاق على منزل الزوجية إن كانت تعمل أم لا؟ وإن كانت لاتعمل يبحث لها عن عمل بحجة الحياة مشاركة ويُحملها مهمة المشاركة في مصروف البيت، هذه ليست حياة بل عقد وتجارة وهو ما لا يجب أن تقبله المرأة الواعية على نفسها والتي كرمها الله، وإن ذهب العريس المزعوم ذو الفص الأوحد في التفكير فليذهب تصاحبه السلامة إن لم تُقدَّر المرأة لا تتزوج ولا تقبل بأشباه الرجال، كذلك من النماذج الغريبة للرجال الرجل الذي يمشي بجدول للمواعيد وهو صاحب الأسلوب الواحد في التفكير النمطي الذي يسير على خط واحد إن قام بدعوتها للتعارف بنية الزواج ومعرفة الأهل وحدث أي ظرف لها وتأخرت عن الميعاد المحدد عشر دقائق يقول لها أعتذر عندي ميعاد آخر بعد ربع ساعة نتقابل مرة ثانية!!
هكذا بكل جرأة وكأنها تحت أمر سيادته أو منتظرة ميعاد جديد في جدول مواعيده العظيم!!
وليس لها شغل شاغل إلا هو وعليها ترتيب حياتها حسب مواعيد حضرته!! 
هذا الرجل صاحب فكرة أنا متاح الآن بعد عشر دقائق غير متوفر بعد ما يتزوج سيعيش بنفس الأسلوب ونفس طريقة التفكير ولن يتنازل أبدا عن وجود حياة خاصة يعيشها بعيدا عنكِ أيتها المسكينة فهو صاحب هيا نعيش اللحظة إن تأخرتِ عنه لأي سبب من الأسباب عنده استعداد يتركك ويرحل ليعيش لحظة أخرى بمكان آخر يجد سعادته فيها وإشباعه لغروره ونرجسيته على حسابك فلا تتزوجي هذا الرجل يكفيه فقط الانبهار بكِ من بعيد صدقيني لو تنازلتِ مرة ستتنازلين كل العمر وستعيشين كل حياتك تبحثين عن ميعادك داخل جدول مواعيده العظيم 
تتعدد الأمثلة وتتعدد النماذج عزيزي القارئ وهذه الأمثلة من الحياة لا يعيب الرجل أنه يفكر بفص واحد من دماغه فهذا خلق الله ولكن يعيب الرجل ضيق أفقه وعدم استطاعته احتواء المرأة التي يتعامل أو مراعاة شعورها واحترامها والتعامل مع ذكائها وكلا الفصين في دماغها فهي ليست دمية تتحرك حسب أهواء الرجل وليس مطلوب منها مراعاة ظروف الرجل دون أن يراعيها هو الآخر ويحترم ويقدر عقلها ومجهودها فهي ليست موجودة لإرضاء غروره فقط وإلقاء كينونتها وثقافتها وتعليمها ومتطلباتها لتذروها الرياح والعيش فقط من أجل الطاعة العمياء وإلغاء عقلها أو هي مجرد عبد في المنزل عليه تَحَمُّل كل الأعباء والمسؤوليات الخاصة بها وبالرجل لتسير الحياة ويرضى ويعيش سعيدا وتقر عينه ولكن التوازن مطلوب المعاملة الحسنة واجبة وليست تَفضُّل مراعاة كل منهما للآخر وإن اختلف التركيب الفسيولوجي لكل منهما لابد من الالتقاء في نقطة والبعد عن الأنانية والنرجسية ومحاولة إخضاع كل منهما للآخر الرجل يؤدي ماعليه نحوها حبا وتقديرا وامتنانا وكذلك هي هكذا تسير الحياة ليس مطلوبا منك عزيزتي التضحية بنفسك وسعادتك ليعيش هو وإلا بأقرب وقت سيضع التقدير والحب والعشرة بأقرب سلة مهملات ويبحث عن جميلة أخرى تسلب قلبه وعقله وترضي غروره  وأنتِ ستظلين مستمرة
 في تشغيل فصي دماغك إلى أن يتعطلا تماماً عن العمل

بداية الصفحة