كتاب وآراء

الانتخابات الامريكية تؤرق المجتمع السياسي الدولي .

كتب في : الثلاثاء 23 يوليو 2024 - 1:45 مساءً بقلم : حسين عطايا

 

ثمة تطورات مهمة جداً جرت في الايام السابقة ، قلبت الامور رأساً على عقب في الولايات المتحدة الامريكية والتي تنتظر إنتخابات حامية في الخريف القادم . فانسحاب جو بايدن من السباق الانتخابي ودعمه ترشيح نائبته " كمالا هاريس " ، خلط الاوراق مجدداً وساهم في زيادة حدة المنافسة وتغيير في استراتيجيات الحملات الانتخابية لكلا الحزبين . فبعد ان كانت قد تعبدت الطريق لوصول الرئيس السابق والمرشح الحالي للحزب الجمهوري دونالد ترامب للبيت الابيض ، عادت الامور لتصبح ضبابية بعض الشيء خصوصاً مع التطور الملفت للنظر الذي حصل مع انسحاب بايدن وصعود نجم نائبته هاريس كمرشحة حالياً وقبل ان يُثبت ترشيحها المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي ، حيث بلغت ارقام التبرعات لحملتها في يوم واحد سقف الخمسين مليومن دولار ، وهذا رقم ملفت للنظر وكبير جداً في آن ، فبعد ان كانت تعاني حملت بايدن من الوصول لهكذا رقم في الاسابيع الاخيرة استطاعت هاريس ، في لفت نظر المانحين والمتبرعين في الحصول على رقم قياسي كهكذا رقم وفي يوم واحد . إذن إنسحاب بايدن ، فعلاً اعاد خلط الاوراق مجددا وخلق حالة ارباك في صفوف الحزبين ، فالحزب الديمقراطي وجد بانسحاب بايدن فرصة لتعزيز مواقعه في السباق الانتخابي لكن دون ان يكون الامر محسوم لصالح هاريس الذي اوصى بايدن بتأييدها ، لان المندوبين الذين كانوا سيقترعون لترشيحه في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي ، قد تحرروا من التزاماتهم تجاهه بعد ان انسحب ، كما ان الحزب الديمقراطي سيقدم في الساعات القادمة الخطة المعتمدة في الترشيح باسم الحزب قريباً لتكون اليات الترشيح والاختيار والاقتراع للمرشح باسم الحزب شفافة وواضحة ومعروفة للجميع قبل إنعقاد المؤتمر. هذا الامر سيتوضح قريباً وخلال الساعات والايام القليلة القادمة التي تفصل الديمقراطيين عن مؤتمر حزبهم لاختيار مرشح الحزب او لتثبيت ترشيح كمالا هاريس باسم حزبهم ، وفي الحالتين هناك امور يجب ان يتم حسمها لان الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات قليلة وقليلة جداً وتُعد بالايام وليس بالاشهر ، اي ان الحزب الديمقراطي وجماهيره وخصوصاً في الولايات المتأرجحة لا يملك ترف الوقت ، خصوصاً في ظل الهجوم القوي والغير المسبوق لحملة المرشح المنافس " ترامب " والغير مسبوقة والتي تستعمل خطاباً ابعد ما يكون عن المنافسة السياسية بل دخل بقضايا شخصية واخلاقية لاتمت بصلة للتنافس الانتخابي ، خصوصاً بعد وصفه المرشحة هاريس بالمجنونة ولم تسلم رئيس البرلمان السابقة من الحزب اليمقراطي " نانسي بيلوسي " من الهجوم ايضاً . فإذاً انسحاب بايدن خلق ازمة مركبة للحزب الجمهوري ولحملة ترامب حيث عاد خلط الاوراق مجدداً وبحالة مضطربة للحزبين ، وقد اعاد الفرص للحزب الديمقراطي في إمكانية نجاح مرشحته بعد ان كان فقد الامل في حال استمرار بايدن بالترشح ومنافسة ترامب . لاشك ان ترشيح كاملا هاريس اعاد للحزب الديمقراطي الفرصة في الفوز برئاسة الولايات المتحدة لاعتبارات عدة . اولها تعاطف جندري مع هاريس من قبل النساء في الولايات المتحدة والجماعات اليسارية في الحزب الديمقراطي ، كما انها تُمثل المواطنين الاصليين في الولايات المتحدة ، وايضاً هي تلقى تعاطف من قبل المواطنين من اصول عربية واسلامية في المجتمع الامركي وهذا ما كان سفتقده بايدن ،وهذا الامر يُسجل لها وليس عليها ، خصوصا في ظل استمرار الحرب في غزة . لذلك اصبح موقف المرشح الجمهوري اشد صعوبة في مواجهة هاريس بدلا من بايدن ، ولهذا شن ترامب هجومه الاخير عليها وعلى بيلوسي ، والذي يُعتبر استباقياً لتقوية صفوف حملته ، وهذا ما تظهره الايام القادمة خصوصاً إذا ما اقدم مؤتمر الحزب الديمقراطي على تثبيت ترشيح هاريس واختياره لها مرشحة الحزب الديمقراطي رسمياً ، خصوصاً ان الامر اصبح ضاغطاً ، وبأن الانتخابات اصبحت على الابواب والحزب ومؤتمره لا يملكون ترف الوقت لاستمرارهم باسابيع واشهر لدراسة الخيارات مجدداً بل كل ما يفصلهم عن موعد الانتخابات لا يزيد عن ثلاثة اشهر ونيف وهذا الامر يشكل ضغطاً حتمياً على الحزب ومؤتمره الذي سوف يُعقد قريباً في اوائل الشهر القادم " اب - اوغسطس " وهو مطلوبٌ منه ان يختار المرشح الذي سوف سينافس ترامب في الانتخابات وامكانية هزيمته . ولكن البارز في هذه الانتخابات ان السياسة تغيب عنها بل الامور الداخلية تغلب على كل شيء فالاقتصاد الوطني من مكافحة التضخم وتحسين ظروف المواطنين يأخذ الدور البارز في الحملات الانتخابية وهذا ما تُركز عليه حملة ترامب مع إعطاء دوراً لبعض شؤن السياسة وهذا ما دفع بترامب الى إيلاء حرب غزة بعض الاهتمام وتكليف صهره اللبناني " مايكل مسعد بولس " ووالده مسعد والذي تم تعيينه منسقاً لحملة ترامب في التعاطي مع الامريكيين من اصول عربية وإسلامية ، وحملة ترامب تعول كثيراً على الصوت العربي والمسلم ، وما وجود مايكل ووالده مسعد في الصفوف خلف ترامب مباشرة في المؤتمر يعطي الدور الهام الذي يتمتع به الامريكيين من اصول عربية ومسلمة وخصوصاً في ولايمة مشيغين حيث يبلغ تعداد الاصوات من اصول عربية ما يشكل ٥ بالمئة من تعداد اصوات الولاية ، ومنهم ثمانين الف ناخب من اصول لبنانية فقط . كل هذه الامور مجتمعة تُعطي حيوية للاصوات العربية وخصوصاً في الولايات المتأرحة لحسم المعركة الانتخابية لاحد طرفي المعركة .

بداية الصفحة