محافظات

الآلاف يحتشدون في ذكرى مولد سيدي عبد الرحيم القنائي

كتب في : الجمعة 14 فبراير 2025 - 5:22 مساءً بقلم : المصرية للأخبار

 

احتشد الآلاف من أهالي محافظة قنا بصعيد مصر؛ للاحتفال بمولد القطب الصوفي الكبير، سيدي عبد الرحيم القنائي، يتقدمهم الدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا، فيما تم إذاعة الاحتفال عبر إذاعة القرآن الكريم.

بدوره كشف عبد الرحمن الخطيب ،أحد أحفاد سيدي عبد الرحيم القنائي، لـ"بوابة الأهرام"، عن وثائق تتناول كيفية مولد الاحتفال بأسد الصعيد في فترة حكم الخديو  عباس الأول، حيث تناولت الوثائق الاستعداد للاحتفال بالمولد، وحلقات الذكر، وكذلك خدمة المولد، بالإضافة إلي الشيوخ الذين كانوا يقومون بالتعليم في أروقة المسجد العتيق.

 

 

سيرة أسد الصعيد

وُلد سيدي عبد الرحيم القنائي، في قرية ترغاي بمدينة سبتة، التي تقع في إقليم غمارة في المغرب الأقصى سنة 521هـ ــ 1127م حيث كان اسمه أسداً، ولكنه غير اسمه في مصر إلى عبد الرحيم، ولد من أبوين كريمين ينتهي نسبها إلى سيدنا الحسين "رضي الله عنه"، وأمه السيدة الشريفة سكينة بنت أحمد بن حمزة الحراني، وهو من بني حمزة الذين كانوا نقباء الشام بدمشق، وشيوخه كانوا ذوى علم ودين، واسمه الحقيقي الذي يعرف به بعد تغيير اسمه من أسد هو عبد الرحيم بن أحمد بن حجون بن محمد بن حمزة بن جعفر بن إسماعيل بن جعفر بن محمد المأمون بن على بن الحسين الجواد بن على بن محمد الديباج بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الإمام الحسين رضي الله عنه ابن الخليفة الراشد على بن أبى طالب ـ كرم الله وجهه ـ.

أما والده فقد كان عالماً فاضلاً وإماماً ذا مكانة كبيرة عند الناس، وعرف عنه قدرته الكبيرة في الوعظ والتأثير على الناس، وكان محبوباً منهم، وكان حجة في الحديث الشريف وفى فقه الإمام مالك "رضي الله عنه".

 

 

توفى والده وهو في الثانية عشرة من عمره (وفى رواية الثامنة عشر)، وكان يحب والدح حُباً جماً، ويرى فيه المثل الأعلى والقدوة الحسنة؛ لذلك فقد تأثرت صحته وساءت حالته النفسية بسبب وفاته، فمرض مرضاً شديداً، حتى أصبح شفاؤه ميئوساً منه؛ مما جعل والدته تفكر فى إرساله إلى أخواله في دمشق

أما أمه فكانت سكينة بنت أحمد، كانت سيدة فاضلة تنتمي أسرتها إلى أسرة عريقة من سادة دمشق، فهو حسنى النسب من جهة أبيه وأمه،  كان الطفل (أسد) عبد الرحيم، حاد الذكاء، قوى الملاحظة والذاكرة، يعي ما يرى ويسمع، ويروى عنه أنه رأى أمه تشعل ناراً، فلاحظ أنها تبدأ بإشعال الحطب الصغير، ثم تضع بعد ذلك الحطب الكبير، فبكى، ولما سألته أمه عن سبب بكائه، قال، إنه يبكى خوفاً من الله، ظناً منه هذا سيحدث لهم يوم القيامة، فيبدأ العقاب بالصغار ثم يتلوهم الكبار، فطمأنته أمه أن رحمة الله واسعة.

توسم والده فيه خيراً، فكان يصطحبه إلى مجالس العلم والوعظ واستطاع الكلام في علوم الفقه.

ويقول الباحث التاريخي أحمد الجارد في كتابه عن سيدي عبد الرحيم القنائي، أن سيدي عبد الرحيم وافق على الرحيل إلى مصر في عهد الخليفة الفائز لدين الله الفاطمي سنة 551هـ، ولكن سيدي عبد الرحيم لم يرغب بالبقاء في قوص، وفضل الانتقال لمدينة قنا، والإقامة بها، ولأن قوص ليست في حاجة شديدة إليه فقد كانت وقتها مليئة بالعلماء والفقهاء وكبار المفكرين لذا أرتحل إلي قنا.

 

 

سيرة شعبية

أدى الراحل الفنان الشعبي محمود الشريف السيرة الشعبية لسيدي عبد الرحيم القنائي ،وقد قام محرر بوابة الأهرام في قنا بتدوين السيرة الشعبية لسيدي عبد الرحيم القنائي قبل وفاة محمود الشريف، حيث سرد محمود الشريف باللهجة العامية قدوم أسد الصعيد من مكة المكرمة إلي قوص ثم اتجاه سيدي عبد الرحيم القنائي لمحافظة قنا، حيث حولها من مدينة صغيرة ضئيلة لمدينة كبيرة تضاهى أهم المدن ويشد لها الرحال من المؤرخين العرب مثل ابن بطوطة وابن جبير وغيرهم، وقد تولى سيدي عبد الرحيم القنائي حكم قنا ليكون أول محافظ لها في التاريخ في العصر الأيوبي.

وبعد أن أمضى الشيخ عبد الرحيم ثلاثة أيام بقوص رحل إلى قنا، حيث التقى بالشيخ عبد الله القرشي أحد أوليائها الصالحين، فانعقدت أوامر الألفة بينهما، وتحابا وتزاملا في الله، وقد ساعد جو قنا الهادئ الشيخ عبد الرحيم على حياة التأمل، فأمضى عامين كاملين يتعبد، ويدرس ويختلي بنفسه ليتعرف على خباياها، كان يعمل بالتجارة ليجمع بين العبادة والعمل، حيث أخذ يدعو الناس ويعرفهم بتعاليم الدين الإسلامي، ويعمل نهاراً، ويجتمع بمريديه ليلاً

ويوضح الباحث التاريخي أحمد الجارد في كتابه اتخذ سيدي عبد الرحيم منهجًا لم يحد عنه طوال حياته، وهو العمل بيده حتى يكسب قوته، وقدر درت عليه التجارة في قنا ربحاً وفيراً ساعدته على الإنفاق على فقراء الطلاب والراغبين في العلم وغير القادرين من أبناء المسلمين.

 

 

ابن بطوطة يتحدث عن سيدي عبد الرحيم القنائي

وقد كانت لسيدي عبد الرحيم مدرسته الخاصة التي تسمح للطرق الصوفية الأخرى بالأخذ منها من غير الخروج على طرقها، وقال الرحالة ابن بطوطة:"سافرت إلى مدينة قنا، وهى صغيرة وحسنة الأسواق، وبها قبر الشريف الصالح الولي صاحب البراهين العجيبة، والكرامات الشهيرة عبد الرحيم القنائى رحمه الله، ورأيت بالمدرسة السيفية حفيده شهاب الدين أحمد، وقد تم تعينه حاكمًا لقنا".

وقد ألف سيدي عبد الرحيم القنائي، عدة مؤلفات منها تفسير القرآن الكريم، ورسالة في الزواج، وكتاب الأصفياء وأحزاب وأوراد وكلمات كثيرة في التصوف نُشرت في طبقات الشعراني، وطبقات السبكي، وطبقات المناوي القنائى، ومسجده مبنى على الطراز الأندلسي.

 

بداية الصفحة