عالم

حرائق كاليفورنيا تتحول إلى كارثة.. آلاف المشردين ونقص المياه يهدد المدن الكبرى | صور

كتب في : الأربعاء 08 يناير 2025 - 3:53 مساءً بقلم : المصرية للأخبار

 

تشهد ولاية كاليفورنيا الأمريكية كارثة طبيعية غير مسبوقة تتجاوز في خطورتها وتأثيراتها كل التوقعات، إذ تجتاح ثلاثة حرائق ضخمة مناطق متفرقة في جنوب الولاية، مما دفع السلطات إلى إعلان حالة الطوارئ وإجلاء أكثر من 30 ألف شخص من منازلهم.

وفي تطور كارثي، يواجه رجال الإطفاء معركة غير متكافئة مع نقص حاد في المياه، في وقت تشهد فيه المنطقة ظروفاً مناخية استثنائية غير معهودة خلال شهر يناير، كما يحذر خبراء المناخ من أن الوضع سيزداد سوءاً في الساعات والأيام القادمة، مع توقعات باتساع رقعة الحرائق وازدياد شدتها بسبب الرياح القوية التي تجتاح المنطقة.

أزمة تفوق القدرات المحلية

يواجه رجال الإطفاء في جنوب كاليفورنيا وضعاً مأساوياً غير مسبوق في تاريخ المنطقة، حيث تحولت مهمتهم من إخماد الحرائق إلى محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه في ظل نقص حاد في المياه.

وكشفت التقارير الميدانية عن حالة من اليأس والإحباط بين فرق الإطفاء التي تقف عاجزة أمام النيران المستعرة بسبب نفاد المياه من صنابير الإطفاء في العديد من المناطق المتضررة.

وفي شهادة مؤثرة، وصف المطور العقاري ريك كاروسو، مالك مجمع باليساديس فيلدج الفاخر، المشهد قائلاً: "ما نشهده اليوم يتجاوز كل تصور، أحياء بأكملها تحترق، ومنازل ومؤسسات تجارية تتحول إلى رماد، ورجال الإطفاء يقفون مكتوفي الأيدي بسبب نقص المياه. هذا أمر لا يمكن تصوره في مدينة متطورة مثل لوس أنجلوس".

وأضاف أن الوضع يزداد تعقيداً مع استمرار الرياح القوية التي تؤجج النيران وتدفعها نحو المناطق السكنية، مما يجعل مهمة السيطرة عليها شبه مستحيلة في ظل الظروف الحالية.

معركة على جبهات متعددة

تواجه السلطات في لوس أنجلوس تحدياً غير مسبوق مع انتشار الحرائق في ثلاث مناطق متباعدة، مما يشتت الجهود ويستنزف الموارد المحدودة، ففي التلال الداخلية شمال شرق المدينة، تمتد النيران عبر مساحات شاسعة من الأراضي الجافة، مستفيدة من الرياح القوية التي تدفعها نحو المناطق السكنية.

وفي حي باسيفيك باليساديس الراقي، تحولت المنطقة إلى ما يشبه منطقة حرب مع احتراق المنازل الفاخرة وفرار السكان في حالة من الذعر. أما في ضواحي سيلمار في أقصى شمال لوس أنجلوس، فقد أجبرت النيران السلطات على إصدار أوامر إجلاء إلزامية لجميع السكان شمال الطريق السريع 210.

وقد حذر عالم المناخ في جامعة كاليفورنيا ، دانيال سوين، من أن هذه الحرائق "ما زالت في بدايتها وستزداد شراسة قبل أن تبدأ في التراجع"، مضيفاً أن الرياح الأقوى والأكثر انتشاراً لم تصل بعد.

تأثيرات كارثية على البنية التحتية والخدمات

أدت الحرائق إلى انهيار شبه كامل للبنية التحتية في المناطق المتضررة، حيث انقطعت الكهرباء عن أكثر من 200 ألف منزل، إما بسبب الرياح القوية أو بسبب قرار شركة الكهرباء بقطع التيار لمنع المزيد من الحرائق.

وقد أعلنت شركة ساوثرن كاليفورنيا إديسون عن قطع التيار عن أكثر من 44 ألف عميل، مع وجود 420 ألف عميل آخرين تحت التهديد بقطع مؤقت للكهرباء.

وأدى هذا الوضع إلى شلل شبه تام في الحياة اليومية، مع إغلاق المدارس والمؤسسات العامة وإلغاء الفعاليات الثقافية والترفيهية.

وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت إدارة التعليم في باسادينا وماليبو عن إغلاق جميع المدارس البالغ عددها 27 مدرسة حتى إشعار آخر، مما يؤثر على آلاف الطلاب وأسرهم.

نجوم هوليوود في قلب العاصفة

تحول حي باسيفيك باليساديس الراقي، موطن نخبة من أشهر نجوم هوليوود، إلى ساحة معركة مع النيران، مقدماً صورة دراماتيكية عن عدم تمييز الكوارث الطبيعية بين الفقراء والأغنياء. وقد شهدت المنطقة مشاهد مؤثرة مع اضطرار النجم مارك هاميل، الشهير بدوره في سلسلة "حرب النجوم"، إلى الفرار من منزله في ماليبو في اللحظات الأخيرة.

ووصف هاميل المشهد في منشور على إنستغرام قائلاً: "تم إجلاؤنا من ماليبو في اللحظة الأخيرة، والنيران كانت تشتعل على جانبي الطريق أثناء اقترابنا من الطريق الساحلي".

 

كما وثق الممثل جيمس وود، الحائز على جوائز جولدن غلوب وإيمي، لحظات الرعب في مقطع فيديو يظهر ألسنة اللهب وهي تلتهم شرفة منزله.

وتضم المنطقة المتضررة منازل العديد من المشاهير مثل بن أفليك، وتوم هانكس، وريس ويذرسبون، وستيفن سبيلبرغ، مما جعل هذه الكارثة تحظى باهتمام إعلامي عالمي غير مسبوق.

التراث الثقافي في خطر

في تطور يهدد التراث الثقافي للمنطقة، وصلت النيران إلى محيط متحف غيتي فيلا في ماليبو، أحد أهم المعالم الثقافية في المنطقة والذي يضم مجموعة نادرة من القطع الفنية الرومانية واليونانية. وفي مؤشر على خطورة الوضع، اضطرت إدارة المتحف إلى تفعيل جميع بروتوكولات الطوارئ لحماية المقتنيات التاريخية الثمينة.

وأوضحت رئيسة مؤسسة جيتي، كاثرين إي. فليمينج، أن المتحف يعتمد على أنظمة حماية متطورة تم تطويرها خصيصاً لمواجهة مثل هذه الحالات الطارئة. وقد تم تفعيل أنظمة الري في جميع أنحاء المتحف، كما تم عزل صالات العرض وأرشيف المكتبة عن الدخان بواسطة أنظمة تكييف هواء متطورة.

ورغم احتراق بعض الأشجار والنباتات في محيط المتحف، إلا أن المقتنيات النادرة التي يعود تاريخها إلى العصر الحجري وأواخر الإمبراطورية الرومانية لا تزال في مأمن حتى الآن.

استجابة فيدرالية غير مسبوقة

في مواجهة هذه الكارثة غير المسبوقة، أعلنت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، التي تنحدر من كاليفورنيا ، عن تعبئة شاملة للموارد الفيدرالية وتخصيص تمويل عاجل لدعم جهود مكافحة الحرائق.

وقالت هاريس في بيان مؤثر: "كشخص نشأ في كاليفورنيا ولديه منزل في غرب لوس أنجلوس، أدرك تماماً حجم المعاناة والدمار الذي تسببه حرائق الغابات لجيراننا ومجتمعاتنا".

وأشادت بالجهود البطولية للمستجيبين الأوائل الذين يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين، مؤكدة أن الحكومة الفيدرالية ستقدم كل ما يلزم من دعم مالي ولوجستي للسيطرة على هذه الأزمة غير المسبوقة، في حين بدأت وكالات فيدرالية متعددة بالفعل في نشر معداتها وطواقمها في المنطقة، في محاولة لتعزيز قدرات فرق الإطفاء المحلية المنهكة.

ظاهرة مناخية تثير القلق

يؤكد خبراء المناخ أن توقيت هذه الحرائق في يناير يمثل ظاهرة مقلقة تتجاوز كل النماذج المناخية المعروفة، حيث يمتد موسم الحرائق عادة من مايو حتى يونيو.

ويرجع السبب إلى ظاهرة رياح سانتا آنا الشمالية الشرقية الجافة، التي تتشكل نتيجة الضغط المرتفع فوق حوض جريت بيسن، وهي منطقة صحراوية شاسعة تمتد عبر عدة ولايات بما فيها يوتا وكاليفورنيا وأيداهو وأوريجون.

وقد ساهم النقص الشديد في الرطوبة في الهواء في جفاف سريع للغطاء النباتي، مما جعله عرضة للاشتعال.

وتفاقم الوضع مع عدم هطول أمطار تذكر في جنوب كاليفورنيا منذ مايو الماضي، حيث لم تتجاوز كمية الأمطار 0.1 بوصة (0.25 سنتيمتر). ويرى العلماء في هذه الظاهرة مؤشراً خطيراً على التغيرات المناخية العميقة التي تؤثر على المنطقة، محذرين من احتمال تكرار مثل هذه الكوارث بشكل أكثر تواتراً في المستقبل.

بداية الصفحة