كتاب وآراء
الانسحاب المنقوص ودور الدولة اللبنانية.

بعيداً عن العنتريات والخطابات الرنانة والمعارك الدونكيشوتية ، واجه العهد الحالي برئيسه وحكومته عملية الانسحاب الصهيوني المنقوص في الثامن عشر من شباط الحالي ، من الاراضي التي احتلها عقب الحرب الاخيرة والتي افتعلها حزب الله خدمة لمشاريع ايرانية تحت مسمى حرب المشاغلة والاسناد للمقاومة في غزة ، وقد اثبت العهد ومن خلال ما اطلقه من مواقف حازمة ، انه يبني خطابه السياسي بعقلانية وحزم متخذاً من المصالح العليا للدولة اللبنانية والشعب اولوية بعيداً عما كان متبعاً في العهود السابقة ، وقد كان رئيس الجمهورية ومن خلال مواقفه التي اطلقها في العديد من اللقاءات والاجتماعات في الايام القليلة الماضية والتي يستمر فيها ، حازماً في ان الدولة اللبنانية وحدها وبقواها الذاتية من عسكرية وديبلوماسية هي من يحمي الشعب اللبناني ، ويعمل على تحرير ما تبقى من اراضٍ مُحتلة ، وليس حزباً او فئة بعينها هي من تتصدى لذلك . من هنا كان الموقف واضحاً في ان العهد يسترجع الدولة التي تحتكر النطق باسم لبنان ، ووحدها من يمتلك حصرية قراري الحرب والسلم ، وهذا ما كان غائباً منذ ما بعد اتفاق الطائف والذي اصبح دستوراً للبلاد في العام ١٩٨٩ ، نتيجة التطبيق المنقوص لذاك الاتفاق ، وبذلك يكون العهد بدأ بوضع مداميك استعادة الدولة واستكمال بناء المؤسسات وهو بذلك يتوجه للرأي العام الداخلي ليعطيه العلم بأن خطوات بناء الدولة يتم على قدم وساق ، وللرأي العام العربي والعالمي ، بأن لبنان ماضٍ في استعادة سيادته على كامل اراضيه وبسط سلطة الدولة ، وهو يعمل على استكمال بناء المؤسسات ويعد بالقيام بالاصلاحات اللازمة متعهداً بأن زمن الفساد والتفلت من العقاب والمحاسبة قد ولى الى غير رجعة ، وهو بذلك يطمئن المجتمعين العربي والدولي بأنه قادر على حماية الاستثمارات ومحاسبة كل من يخل بالامن الوطني بعد استكمال عمليات الاصلاح وعلى كل المستويات . بذلك ، يكون العهد مستمراً في تنفيذ بنود خطاب القسم والذي تضمنه البيان الوزاري الذي اقرته الحكومة مؤخراً وبانتظار نيل الثقة لينطلق العهد ومعه حكومته كاملة الصلاحيات في حشد التأييد العربي والدولي لتوفي كل الطاقات لانهاء ماتبقى من احتلال في النقاط الخمس المتبقية وقد وضع الاولويات والتي تتمثل في إعادة الاعمار وعودة المواطنين الى ديارهم في البلدات والقرى التي دمرها العدو الصهيوني جراء الحرب الاخيرة ، واستعادة الاسرى من معتقلات العدو . وهذا الامر ساهم بخلق دينامية عمل جديدة افتقدها لبنان لعقود طويلة ، والعهد بذلك يُثبت كل يوم انه قادر على بناء دولة قوية وقادرة ، وحدها تحتكر السلطة والسلاح ، بعيدا عن اي دور لحزب او طائفة او جماعة في احتكار المقاومة وجر البلاد الى مغامرات وحروب لم تجر على لبنان سوى الخراب والدمار ، وهذا ما عانى منه الشعب اللبناني على مر العقود منذ اتفاق القاهرة في العام ١٩٦٩ مع منظمة التحرير الفلسطينية ، ولكن وبرغم إلغائه في شهر حزبران من العام ١٩٨٧ ، استمر بحكم الامر الواقع في ظل وجود الاحتلال السوري ومن ثم الوصاية الايرانية عبر ذراعها حزب الله وصولاً الى الحرب الاخيرة ، والتي افرزت متغيرات جديدة في لبنان والاقليم ، مما خلق دينامية حكم جديد في لبنان مستفيداً من كل التطورات في المنطقة . بذلك ، قد برهن العهد وحكومته انهما اخذا زمام المبادرة في قطع الطريق على الفلتان الذي كان سمة العهود الماضية وحصر مهمة الدفاع عن لبنان وحدوده في الدولة اللبنانية وحدها قاطعاً الطريق على ما كان يُسمى مقاومة منهياً بذلك فصلاً شكل على مدى عقود احتكاراً لقراري الحرب والسلم من جهة بعينها دون الرجوع للدولة اللبنانية . واخيراً يُثبت العهد انه مصمم على اخذ زمام الامور وعلى كل الصعد والمستويات واولها تحرير ما تبقى من ارض مُحتلة وبناء الدولة وإعادة الاعمار والقيام بالاصلاحات المطلوبة لتحسين اوضاع اللبنانيين والخروج من الازمات التي عاشها ويعيشها اللبنانيين منذ سنوات ونفض غُبار الحرب الاخير والعودة الى عقود الازدها على كافة المستويات ، وليوفر للبنان حضوراً في كل المنتديات والمؤتمرات التي ستعُقد للبحث في امور المنطقة ولكي لا يغيب عنها ولا تكون على حسابه ، فيعود لبنان لدوره التاريخي في لعب دوراً مهماً على صعيد المنطقة وفاعلاً في المتغيرات الحاصلة ، وكي لا تأتي المستجدات على حسابه ، وطبعاً سيساعده في ذلك عودته إحضان الاشقاء العرب له من خلال الدعم المتوفر وبقوة للعهد الجديد .