ثقافه وفنون
قراءة في أعمال الفنانة المغربية العصامية 'لبنى المزابي '
يُعد الفن التشكيلي مرآة للواقع. فالتشكيل مثله مثل ميادين الثقافة هو مُنتج بشري، لذلك لا يمكن فصله عن الواقع والتغييرات في البنية الاجتماعية والسياسية والثقافية للشعوب والمُجتمعات كافة. ولعل تاريخ الفن التشكيلي المغربي يفتخرُ ويعتزُ بأسماء لامعة، قدمت عطاءات إبداعية وجمالية ذات إحساس صادق، وبروح صوفية، ورسالة المواطنة المسؤولة. كما عرفت بالوطن الغالي عالمياً، وبطقوسه وتقاليده ومناظره الخلابة، وبقيمه السامية. لقد لعبت هذه الأسماء دوراً مُهماً ومُميزاً في تطور مسار الحداثة الفنية، وأعلت راية الفن التشكيلي الوطني في سماء الإبداع العالمي، حتى صار يحتلُ اليوم مكانة مرموقة على الساحة التشكيلية العالمية وهم: الغرباوي والشرقاوي والمليحي وامغارة والسفاج وبنيسف وبودريصة والوزاني والشبعة و السباعي والبرتولي العلمي والقائمة طويلة. ولقد لعبت المرأة المغربية أيضا دورا مهما في لحركة التشكيلية واعطت روحا جديدة للفن التشكيلي بنون النسوة ومن هن الراحلة الشعبية و مريم أمزيان وام البنين السلاوي وعزيزة الصباح ولطيفة التجاني والقائمة طويلة. ومن الأسماء التشكيلية المغربية الشابة لبنى المزابي،التي تشق طريقها بإصرار ومثابرة والبحث وصقل موهبتها بالبحث والعمل الجاد والهادف و التي استطاعت نقش اسمها بماء الذهب،بإبداعاتها التي أعجب بها النقاد والمهتمين بالفن التشكيلي الفنانة التشكيلية العصامية، والمُميزة بأسلوبها وبتقنياتها الفنية للمدرسة الواقعية. لقد شقت طريقها الفني بعملها الدءوب بصمت، لتبدع وتجعل أعمالها تُخاطب وجدان وباطن المُتلقي للوحاتها الرائعة، جاءت الفنانة لبنى المزابي للمساهمة في الحركة التشكيلية المغربية، بجديتها وإحساسها الفني الصادق، وبأعمالها التي تغوص في أعماق الإنسان وتهتم بقضاياه ومُعاناته، وطرحه لمواضيع عميقة وفاعلة، بل اتسمت في بعض الحالات بميزات الجرأة والمهارة في اختيار الألوان حتى يخرج للوجود لوحة فنية رائعة بإحساس صادق وبجمالية فائقة. والفنانة لبنى استعذبت مُمارسة الفن التشكيلي، فخلقت لنفسها أسلوباً خاصا بها، ونازالت تبحث عن داتها في عالم الفن والإبداع. . والمتلقي لأعمالها الإبداعية الرائعة يستطيع عبر لوحاتها الغوص في لجة الحياة المغربية، ومعايشة وقائعها وشخوصها، وتذوق جماليتها القائمة على تناسق الألوان والظل والضوء. إن فن لبنى المزابي هو عصارة عمل حضاري، والحضارة لا تقوم بالعاطفة وحدها،ولا بالعقل وحده، بل هي نتاج انصهار التذوق والقُدرات في بوتقة الإنسان المُبدع، العاشق لحارات وأزقة، المدن العتيقة، والوجوه البشرية وخاصة تطوان، مسقط راسها، وتستنشق من هوائها النقي المليء بعطر الفنون الجميلة، وبمهارة الصناعات التقليدية والنقوش الأندلسية. فإبداعات الفنانة التشكيلية المغربية العصامية لبنى المزابي، تعكسُ حواراً متصلاً مع كل شيء بداية من حوار الإنسان مع ذاته،وحواره مع ألآخر، ريشتها تعمل بإصرار على كشف الحقيقة،وألوانها تبحثُ عن الصدق..والأمانة في التبليغ ترسمُ لبنى بإحساسها الصادق هذه الوجوه وهذه الحالات الفلكلورية لتكشف المكنون والدفين فيها وتؤكد هذه الحميمية مع الذات ومع الآخر المُكمل لها، أو المُتنافر معها، في لُغة تشكيلية واقعية عميقة . ارتبطت دوافع التعبير عند الفنانة لبنى بواقع بيئتها المغربية بجميع عاداتها وتقاليدها، وبجذورها التاريخية والتراثية والجمالية تركز الفنانة لبنى على مواقف إنسانية بجمالية ملفتة للنظر..وظفت، أساس موروثاتها الجمالية، من طبيعة حياة جماليات بها، فصارت في أعمالها..طبيعة عميقة..ووجوه صارخة صامدة ضد رياح التغيير، مُرتبطة بأهمية الزمان والمكان..وفترة الإيحاء والتعبير الصادق باللونية..المُتسمة بالعفوية والشفافية،ووحدة الانفعال اللوني التي يُجسدها رهافة الحدس اللوني..حيث الإبداع والتميز والأصالة والإيقاعات المُترقرقة للأشكال والألوان، حيث التوظيف الأمثل..لبداهة الحس الجمالي والمُكونات البصرية،المشعة بوهج شفافية الحُلم..الإيمان وسيكولوجية إدراكاتها الذهنية في أبعادها الصوفية. عشقت ترنيمات اللون..وفق منطق إحداثها الجمالية المُضاءة بالمًؤشرات السيادية لإبداعاتها الفنية بروح وإحساس صادق تحمله اللوحة، التي تنتجها الفنانة التشكيلية العصامية المغربية لبنى المزابي، في روح تجربة أصيلة ونادرة في نسيج الفن التشكيلي المغربي وفي عُمق حركة الفنون التشكيلية العربية لتحتل مكانة مرموقة في سماء الفن التشكيلي المغربي والعربي وحتى العالمي.