سياحة وطيران
أصل الحكاية| «مري رع وإينيوي».. أشهر قصص الحب عند المصريين القدماء

احتفى المصريون القدماء، بالحب، فجعلوه حاضرًا في حياتهم اليومية، وخلّدوه في أشعارهم، ورسوماتهم، وحتى منحوتاتهم.
لم يكن الحب في تلك الحضارة العريقة مجرد مشاعر عابرة، بل كان رمزًا للوفاء والمودة التي تدوم إلى الأبد، ومن بين أروع الشواهد على هذا الحب، يأتي تمثال "مري رع وإينيوي"، الذي يعكس بأدق تفاصيله مدى الحميمية والارتباط العاطفي بين الزوجين في مصر القديمة.
مري رع وإينيوي.. قصة حب خالدة في الحجر
يعود تمثال مري رع وزوجته إينيوي إلى الأسرة الثامنة عشرة، وهي الفترة التي شهدت ازدهار الفن والعمارة في مصر القديمة، وخاصة خلال عهد إخناتون في تل العمارنة.
كان مري رع يشغل منصب كاتب معبد آتون في تل العمارنة ومنف، وهي وظيفة ذات مكانة مرموقة تعكس دوره المهم في المجتمع، أما زوجته إينيوي، فقد كانت شريكته في الحياة، ورفيقته التي خلدت ذكرى حبهما إلى الأبد.
تفاصيل التمثال.. لمسات تنطق بالمشاعر
يظهر التمثال مري رع جالسًا في وضع هادئ، بجانبه زوجته إينيوي التي تحيطه بذراعها الأيمن في مشهد مفعم بالعاطفة والدفء.
هذه اللفتة ليست مجرد عنصر فني، بل تعكس معنى أعمق للحب والتقدير، حيث ارتبط المصريون القدماء بمفهوم الشراكة الزوجية القائمة على الحب والاحترام المتبادل. كما يعكس هذا التمثال مدى الألفة التي جمعت بين الزوجين، وهو ما يتجلى في دقة التفاصيل التي نحتها الفنان المصري القديم ليجسد العلاقة بينهما.
الحب في مصر القديمة.. أسمى المشاعر الإنسانية
عرف المصريون القدماء الحب بأرقى معانيه، فلم يكن مقتصرًا على المشاعر بين الرجل والمرأة فحسب، بل امتد ليشمل الأسرة، الأصدقاء، وحتى العلاقة بين الإنسان والآلهة. وخلّدت النصوص الأدبية قصائد غزلية تصور الشوق والهيام بين المحبين، كما عُثر على رسائل غرامية تعود إلى عصر الدولة الحديثة، تعبر عن مشاعر الحب والاشتياق بأسلوب شاعري عذب.
دلالات رمزية.. الحب أبدي لا يزول
لم يكن تمثال مري رع وإينيوي مجرد قطعة فنية، بل حمل في طياته معاني رمزية تعكس فلسفة المصريين القدماء تجاه الحب والعلاقات الإنسانية، فالتصاق الزوجة بزوجها، وملامح الهدوء والرضا على وجههما، يعكسان فكرة الاستمرارية والخلود، حيث كان المصريون يؤمنون بأن الحب لا ينتهي بالموت، بل يستمر في الحياة الآخرة، تمامًا كما بقي هذا التمثال شاهدًا على قصة حبهما منذ آلاف السنين.
الاحتفال بالحب عبر الزمن
مع اقتراب عيد الحب، يذكّرنا هذا التمثال بأن الحب كان ولا يزال أسمى المشاعر التي تجمع البشر. المتحف المصري الكبير، الذي سيحتضن هذا التمثال في قاعة 7 خلال عام 2025، يدعو زواره لاكتشاف هذا المشهد الفريد، الذي يجسد مفهوم الحب في مصر القديمة، حيث كان الإخلاص والتقدير حجر الأساس لكل علاقة.
تمثال مري رع وإينيوي ليس مجرد قطعة أثرية، بل هو شهادة حيّة على أن الحب كان مقدسًا عند المصريين القدماء، تمامًا كما هو اليوم. وبينما نحتفل بعيد الحب في العصر الحديث، نجد أن الفراعنة سبقونا في التعبير عن مشاعرهم بطرق خالدة، بقيت شاهدة على مر العصور، تمامًا كحبهما الذي لم يزده الزمن إلا بريقًا وجمالًا.