كتاب وآراء
اتفاق الاستسلام ووقف اطلاق النار .

لم يعد خافياً على احد من اللبنانيين العقلاء ، أن موافقة حزب الله على وثيقة استسلامه والواردة في الورقة الامريكية ، قد تم إبلاغها للوسيط الامريكي " أموس هوكستين " والذي بدوره نقلها الى الطرف الاسرائيلي متأخرا يوماً عن موعد زيارته والتي كانت اول من اعلن عنها الاعلام الصهيوني رغم حالة الارباك التي سادت الساحة اللبنانية . وبالتالي ، كان التأخير لبعض الوقت في بيروت من قبل الوسيط الامريكي فقط لاجراء بعض التعديلات الشكلية والتي تحفظ ما تبقى من ماء وجه لحزب الله ، لكي يظهر لمناصريه وابناء بيئته انه لازال يمتلك القوة ليفاوض وأنه لم يستسلم بعد ، اي ان التعديلات شكلية وخصوصاً على البند الذي يُعطي إسرائيل حربة التحرك في الاجواء اللبنانية براً وبحراً وفي السماء ، من جراء اي خرق يقوم به حزب الله لاسيما في حال اعاد الدخول لمنطقة جنوب الليطاني وانشاء بنية تحتية عسكرية او ماشابه او نقل اسلحة عبر سوريا وذلك بصياغة جديدة تنص على حق الدفاع عن النفس . من هنا نستطيع القول ان التوقيع على وثيقة الاستسلام قد تم وقد ابلغها هوكستين لحكومة العدو ، وقد وافق عليها رئيس الوزراء الاسرائيلي " بنيامين نتنياهو " ولهذا جرى لقاء بين هوكستين ووزير الدفاع كاتس ورئيس اركان الجيش هاليفي لبحث الامور التقنية والتنفيذية فور انتهاء اللقاء مع نتنياهو . بذلك نكون قد انتقلنا الى تحديد موعد إعلان تاريخ وقف إطلاق النار والاعلان عن بعض التفاصيل . وهذا ما يتطلب إعطاء قوات العدو بعض الوقت لتستنفذ بنك اهدافها وتزيد من نسبة الدمار لامرين لا ثالث لهما : الاول الانتهاء من تدمير بعض الاهداف الموضوعة في بنك اهداف العدو الصهيوني في الجنوب والضاحية والبقاع لعدم تمكين حزب الله من إستعادتها سريعاً . الثاني الوصول الى هدف تدمير اكبر عدد ممكن من الابنية والوحدات السكنية العائدة للمواطنين خصوصاً من ابناء البيئة اللاصيقة للحزب ظنا منها ان ذلك قد يكون سبباً لتأليب ابناء هذه البيئة ضد حزب الله والانقلاب عليه . من هنا اتت المدة الزمنية الفاصلة من تاريخ لقاء هوكستين ورئيس حكومة إسرائيل وفريفه المفاوض لاسيما وزير الشؤون الاستراتيجية " رون دريمر والذي تم صياغة الاتفاق معه اثناء زيارته الاسبوع الماضي لواشنطن ولقائه الادارة الامريكية الحالية ولقائه مع الرئيس المنتخب ترامب ، ووزير الدفاع ورئيس الاركان " فقط لكسب بعض الوقت بعد عودة الوسيط هوكستين الى واشنطن على امل ان يأخذ بعض الوقت قبل ان يتم الاعلان عن تاريخ موعد وقف اطلاق النار لمدة ستين يوماً يجري خلالها عمليات انسحاب الجيش الاسرائيلي الى الحدود ، ومقاتلي حزب الله الى شمال الليطاني وتفكيك بنيته العسكرية ودخول الجيش اللبناني وانتشاره في مناطق جنوب الليطاني برفقة قوات اليونيفل وبحضور واشراف لجنة الرقابة المناط بها مراقبة تنفيذ " القرار الاممي ١٧٠١ "بكامل مندرجاته . إذن لبنان بعد الحرب قادم على الدخول بمرحلة جديدة وبوجود ورقابة دولية لاستعادة الدولة اللبنانية وتدريجياً سيادتها على كامل التراب الوطني اللبناني من خلال إعادة ترتيب اوضاعها الداخلية والشرط الاول في ذلك المباشرة بعد وقف إطلاق النار مباشرة في اعمال انتخاب رئيساً للجمهورية وإعادة تكوين السلطة مع حكومة اصيلة تأخذ زمام الامور للانتهاء من الحالة الشاذة والتي اراد منها الثنائي " امل - حزب الله " السيطرة على الدولة اللبنانية لاسيما من الاعمال البهلوانية والتي يقوم بها رئيس مجلس النواب في مفاوضاته لوقف الحرب وغيرها من امور مناطة اساساً وطبقاً للدستور برئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعاً ولا دخل للسلطة التشريعية سوى الموافقة على ذلك إن تطلب الامر موافقة البرلمان اللبناني ، اما بخصوص ما تبقى من سلاح لحزب الله فذلك متروك للرئيس والحكومة الجديدة في الدعوة لحوار وطني جامع للبدء في تنفيذه واستكمال تنفيذ ما تبقى من وثيقة الوفاق الوطني " اتفاق الطائف " والذي اصبح دستوراً للبنان . اما عن المعابر البرية والجوية والبحرية متروك امر رقابتها للاجهزة الامنية اللبنانية وعلى رأسها الجيش اللبناني وبأشراف اللجنة المكلفة مراقبة تنفيذ مندرجات القرار الاممي ١٧٠١ ، وبذلك يجب ان نكون قد بدأنا بالانتهاء من وجود دويلة داخل الدولة اللبنانية . إذن ، ينتظر لبنان أياماً فاصلة للأنتهاء من الحالة الشاذة التي عاشها وكانت الحرب ابرز معالمها والتي تكبد فيها خسائر فادحة بالممتلكات والارواح ، لتأخذ بعدها إعادة الاعمار وبمساعدة الاشقاء العرب طريقها للتنفيذ واستعادة لبنان عافيته ويعود بذلك الى حاضنته العربية والتي اراد حزب الله عبر ممارساته اخذ لبنان لمحور الممانعة بقيادة ايران .