عالم
شهادات دواعش 'تفضح' التقصير الأمني التركي
كشفت شهادات أدلى بها متهمون في هجوم دموي استهدف العام الماضي تجمعا لناشطين أكراد في العاصمة التركية أنقرة، عن قصور أمني سمح لعناصر تنظيم داعش المتشدد في التحرك بحرية في البلاد.
ومن بين المتهمين، حجي علي دورماز الذي قال أمام المحكمة إنه اعتاد على مدار عامين عبور الحدود التركية إلى سوريا والانضمام لصفوف داعش لأشهر قليلة، ثم العودة إلى تركيا للعمل في مجال الإنشاء.
ويحاكم الآن لتورطه في التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة ما يربو على مئة شخص في أنقرة، وتسلط شهادته الضوء على القصور في أمن الحدود والمخابرات، وهو ما يقول محامون إنه سمح لأجزاء من تركيا بأن تصبح قاعدة خلفية للمتشددين.
وحاولت الحكومة التركية فرض إجراءات أمنية بعد سلسلة من الهجمات، ومن بينها التفجير الانتحاري بأنقرة، الذي تسبب في تصعيد المواجهة بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني.
ويقول الرئيس التركي، رحب طيب أردوغان، إن تركيا تعد حاجزا ضد وصول داعش إلى أوروبا من سوريا والعراق، وإن تخليها عن حذرها سيمكن المتشددين من نشر فيضان من "النار والدم" في أنحاء العالم.
وبالعودة إلى شهادة دورماز، فقد قال الرجل، خلال الأسبوع الأول من محاكمته في محكمة بأنقرة، "انضممت في البداية لجبهة النصرة"، في إشارة لما كان في ذلك الوقت فرع القاعدة في سوريا.
وأضاف "ثم انضم أصدقائي لداعش وكان لدي تعاطف معها لذلك انضممت لهم. حضرت تدريبا عسكريا معهم وقاتلت معهم لأشهر قليلة ثم عدت إلى غازي عنتاب (قرب الحدود مع سوريا). هذا حدث جيئة وذهابا ثلاث أو أربع مرات (بين 2012 و2014)".
ودورماز (19 عاما) من بين 14 مشتبها بأنهم أعضاء في داعش مثلوا أمام المحكمة بسبب الهجوم الذي وقع خارج محطة القطارات الرئيسية في أنقرة في العاشر من أكتوبر 2015 وأودى بحياة أشخاص أغلبهم نشطاء شبان موالون للأكراد.
ويحاكم 22 مشتبها بهم آخرون، لكن بعضهم لا يزال طليقا وبعضهم تحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة. ويواجه البعض عددا من الأحكام تصل مدتها إلى 11750 عاما في تهم القتل والانتماء لمنظمة إرهابية والسعي لتغيير النظام الدستوري.
وينفي دورماز بأنه كان مسؤول الحدود في داعش وساعد في تخطيط التفجير الانتحاري لكنه لم ينكر رحلاته لسوريا، وحين سأله القاضي عما إذا كان قتل أي شخص هناك فقال "كنا نقاتل المتمردين الأكراد ونظام (الرئيس السوري بشار) الأسد. لم يكن الأمر تبادلا للورود".
ويونس دورماز، الشقيق الأكبر لدورماز، مدرج في لائحة الاتهام على أنه العقل المدبر للهجوم، لكنه فجر نفسه في مايو الماضي خلال مداهمة للشرطة لمنزل آمن لداعش نجا منها الشقيق الأصغر لدورماز.
وظهر المتهمون في المحكمة خلف صف من أفراد شرطة مكافحة الشغب الذين كانوا يرتدون دروعا واقية وخوذات، وهتفت أسر ومحامو الضحايا في بعض الأوقات مرددين "قتلة" وطالبوا الدولة أيضا بتحمل المسؤولية.
وأبلغ العديد من المتهمين المحكمة أنه كان من السهل لسنوات للمتشددين أن يأتوا ويذهبوا من سوريا، وأن ينقلوا ما يكفي من الأسمدة لصنع قنابل وتنفيذ هجمات.
وقال أحدهم ويدعى يعقوب شاهين، إنه جلب الأسمدة التي استخدمت في التفجير. وعبر عن اعتقاده بأنه كان يشتري نترات الأمونيوم كي يتمكن رئيسه خليل إبراهيم دورجون من إنشاء مزرعة للثوم.
وقتل دورجون نفسه في مايو الماضي، خلال مداهمة لمنزل آمن لداعش في غازي عنتاب قرب الحدود السورية.
وقال شاهين للمحكمة "المتجر الأول الذي سألته كان متشككا واتصل بالشرطة. الشرطة جاءت إلى منزلي وتحدثت إلى أختي لكنهم لم يسألوني عن شيء".
وأضاف أنه كُلف كذلك بمهمة مرافقة السيارة التي تقل المفجرين. لكنه تابع أنه كان يعتقد أنهم كانوا يأخذون صديقا لم يؤد الخدمة العسكرية الإلزامية إلى أنقرة، وأنه كانت هناك ضرورة لوجود سيارة مرافقة للتحذير من وجود نقاط تفتيش تابعة للشرطة على الطريق.
وفي شهادته للشرطة، التي اطلعت عليها رويترز قبل المحاكمة، قال شاهين إنه كان مجندا في بادئ الأمر للانضمام لجبهة النصرة في غازي عنتاب قرب الحدود مع سوريا، وإن أحد أصدقاء الطفولة قدمه لاحقا لدورماز وأنه أدرك سريعا أنه يعمل لحساب داعش.
ويقول ممثلو الادعاء الأتراك إن خلية لداعش في غازي عنتاب أقامت منازل آمنة لإيواء المقاتلين، وخططت سلسلة من التفجيرات في تركيا.
يشار إلى أن تركيا تعرضت، على مدار العام المنصرم، لما لا يقل 6 عن تفجيرات انتحارية، ينحى باللائمة فيها على داعش منها تفجيران انتحاريان في إسطنبول في يناير ومارس قتل فيهما سياح، وهجوم ببنادق وقنابل في مطار إسطنبول أودى بحياة 45 شخصا في يونيو.
وجرى تشديد أمن الحدود منذ ذلك الحين، بما في ذلك القيام بتوغل عسكري في سوريا لطرد داعش من الحدود، في أغسطس الماضي، وذلك في إطار عملية "درع الفرات" التي توسعت أهدافها لتشمل التصدي للتمدد الكردي.