تقارير
كيف تعزز زيارة ماكرون إلى مصر الشراكة الاقتصادية بين القاهرة وباريس؟

في زيارة رسمية تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية هامة، حلّ الرئيس الفرنسي ضيفًا على القاهرة، في وقت تتطلع فيه مصر إلى تعزيز شراكاتها الاقتصادية مع القوى العالمية الكبرى. الزيارة، التي جاءت وسط تحولات إقليمية ودولية متسارعة، شهدت توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات حيوية، من بينها الطاقة المتجددة، والنقل، والصناعات التحويلية، والتعليم الفني.
وتسعى فرنسا، من خلال هذه الشراكة، إلى توسيع حضورها الاستثماري في السوق المصرية، بينما تراهن الحكومة المصرية على هذه الاستثمارات لتعزيز النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وزيادة معدلات الإنتاج المحلي.
لكن، إلى أي مدى يمكن أن تُحدث هذه الاستثمارات فرقًا حقيقيًا في بنية الاقتصاد المصري؟ وما هي القطاعات المستهدفة؟ وهل ينعكس هذا التعاون بشكل مباشر على حياة المواطن؟
وخلال السطور التالية، تستعرض وترصد " بوابة الأهرام" توقعات الخبراء بشأن الأثر المتوقع على المدى القريب والبعيد.
ويقول الدكتور محمد أنيس، المحلل الاقتصادي، إن العلاقات الاقتصادية والتجارية ما بين مصر وفرنسا وبعدها التنموي تتمتع بعمق تاريخي كبير؛ حيث أنه على سبيل المثال تم افتتاح الخط الأول لمترو أنفاق القاهرة في الثمانينيات من القرن الماضي بتمويل فرنسي وتنفيذ من قبل الشركات الفرنسية وتم الافتتاح بحضور الرئيس الفرنسي حينها جاك شيراك، و تعمقت وتشعبت العلاقات بحيث وصل الآن عدد خطوط المترو في القاهرة الكبرى إلى ستة منها أربعة خطوط بتعاون فرنسي.
الميزان التجاري بين مصر وفرنسا في حالة توازن
وتابع: يتمتع الميزان التجاري ما بين مصر وفرنسا بحالة من التوازن؛ حيث أن الصادرات المصرية إلى فرنسا تقريبا تعادل الصادرات الفرنسية إلى مصر وهذا أمر مريح للطرفين. أما حجم الاستثمارات الفرنسية في مصر حوالي 8 مليار دولار تتمركز في قطاعات الدواء والصناعات الغذائية والأجهزة الكهربائية والسيارات ، وهناك فرص واعدة كبيرة جدا لزيادة حجم هذه الصادرات المرحلة القادمة نظرًا لحجم التغيرات الكبيرة التي تحدث في الاقتصاد العالمي آخر بضعة سنوات مثل "اضطراب سلاسل التوريد العالمي، و تغير السياسة التجارية وفرض الجمارك ، وحاجة العالم إلى التحول إلى الاقتصاد الأخضر والطاقة الخضراء"، مضيفًا أن تلك التغيرات فتحت الباب لفرص تعاون اقتصادي واستثماري أكبر ما بين مصر وفرنسا نظرًا لقصر مسافة سلاسل التوريد المنشأة ما بين مصر وفرنسا مقارنة مع الصين وباقي دول جنوب شرق آسيا وكذلك نظرًا للميزة النسبية الكبيرة التي تتمتع بها مصر في إنتاج الطاقة لكهربائية النظيفة من طاقة الشمس والرياح.
الدكتور محمد أنيس المحلل الاقتصادي
وطالب أنيس أن تتمركز الاستثمارات الفرنسية الجديدة في قطاعات صناعية مستهدفة التصدير و في القطاعات التي تتمتع فيها مصر بميزة نسيبة كبيرة كالتي تم ذكرها.
خطوة مهمة
ومن جانبه، يضيف الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، تُعَدُّ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة خطوة مهمة نحو تعزيز الاستثمارات الفرنسية في مصر، مما يُتوقع أن ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد المصري.
تعزيز الاستثمارات الفرنسية
ويوضح الإدريسي أن فرنسا من أكبر الدول المستثمرة في مصر؛ حيث بلغت استثماراتها حوالي 7 مليارات يورو في 180 مشروعًا، توفّر نحو 50 ألف فرصة عمل في مجالات التصنيع والاتصالات. كما وُقِّعت اتفاقيات شراكة إستراتيجية بقيمة 260 مليون يورو خلال الزيارة، تشمل مجالات الصحة، النقل، الطاقة، والمياه، مما يُسهم في دعم البنية التحتية والخدمات الأساسية في مصر.
الآثار المتوقعة على الاقتصاد المصري
وعن الآثار المتوقعة على الاقتصاد المصري على هامش زيارة الرئيس الفرنسي وتوقيع اتفاقيات لتعزيز الاستثمارات الفرنسية في مصر، يرى الإدريسي، أن الاستثمارات في مجالات النقل والطاقة والمياه ستُسهم في تطوير البنية التحتية، مما يُعزز من كفاءة الاقتصاد المصري، كذلك التعاون مع الشركات الفرنسية يُتيح نقل التكنولوجيا الحديثة والخبرات إلى السوق المصري، مما يُعزز من تنافسية المنتجات والخدمات المصرية. كما أن توسيع الاستثمارات الفرنسية يُتوقع أن يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، مما يُسهم في تقليل معدلات البطالة وتحسين مستوى المعيشة، مضيفًا أن زيادة التعاون الاقتصادي مع فرنسا قد يُسهم في فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية في أوروبا، مما يُعزز من حجم الصادرات.
الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي
القطاعات المستفيدة
وأشار الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي إلى القطاعات المستفيدة من تلك الاستثمارات لتشمل:
1- قطاع النقل
تطوير مشروعات مترو الأنفاق وشبكات النقل العام.
2- قطاع الطاقة
تعزيز إنتاج وتوزيع الطاقة، خاصة المتجددة منها.
3- قطاع الصحة
تحسين الخدمات الصحية وتطوير البنية التحتية للمستشفيات.
4- قطاع المياه
تحسين إدارة الموارد المائية وتطوير محطات المعالجة.