نظَّم جناح مجلس حكماء المسلمين في إطار برنامجه الثَّقافي، بمعرض الرباط الدولي للكتاب في دورته الـ 30، ندوةً ثقافيةً بعنوان: "تحليل خطاب التجديد.. محمد عبد الله دراز نموذجًا"، أدارها الدكتور سمير بودينار، رئيس مركز الحكماء لبحوث السلام، وقدَّمها الدكتور أحمد مصطفى، المتخصص في تحليل الخطاب الديني بالأزهر الشريف.

وفي مستهل الندوة، أكد الدكتور سمير بودينار، أن تجديد الخطاب الديني يكتسي راهنية كبيرة في السياق المعاصر، بالنظر إلى حاجة ماسة لتطوير الأدوات العلمية والمعرفية اللازمة لقراءة هذا الخطاب، مشيرًا إلى أن د. محمد عبد الله دراز، يعد واحدًا من أقطاب الخطاب الديني وتجديده في العصر الحديث.

من جانبه، قال الدكتور أحمد مصطفى، إن الشيخ الدكتور محمد عبد الله دراز يمثل امتدادًا لتيار كبير في الأزهر الشريف؛ وهو "تيار الإحياء والتجديد"، الذي بدأ في هذا العصر مع الشيخ محمد عبده، والشيخ حسن العطار، وغيرهما من علماء الأزهر الشريف، ممن جمعوا بين التراث الإسلامي بعمقه الشديد، وتنوعه الكبير وفهمه الدقيق، بما احتوى عليه من قضايا وآراء فكرية ثرية، بالإضافة إلى الاستفادة من المناهج الغربية الحديثة والبناء عليها بما يخدم قضايا الأمة العربية والإسلامية والتحديات التي تواجهها.

وأضاف أن الشيخ محمد عبد الله دراز كانت له علاقة فريدة بالقرآن الكريم، كما كانت كتاباته وأعماله الفكرية تعبر عن جرأته من خلال استخدام المنطق والتحليل العقلي لفهم القرآن، ومخاطبة العقل المعاصر، والإبداع في تناول الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ليس فقط على المستوى اللغوي والبلاغي، ولكن أيضًا على المستوى النفسي والعقلي والأخلاقي والتاريخي والإصلاحي والتهذيبي، فكان صاحب نظرة تجديدية ثاقبة، الأمر الذي جعل المثقفين يجمعون على علو منزلته العلمية ويعدونه أحد أبرز الشخصيات المؤثرة في الفكر الإسلامي الحديث. 

وأوضح د. أحمد مصطفى، أن الشيخ محمد عبد الله دراز، تناول مصدرية القرآن بمنهج مختلف يتناسب مع العصر الحديث، خاصة في ظل انتشار الشكوك والشبهات التي أثارتها التيارات المادية والمنحرفة؛ وذلك من خلال منهج تحليلي عقلي وروحي في آن واحد، وتحليل البنية الداخلية للقرآن الكريم، من حيث التناسق والموضوعية ووحدة الخطاب، كما استطاع ببراعة أن يميز بين الوحي القرآني والبيان النبوي من حيث الأسلوب والمضمون، مبينًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن يكون مصدرًا لهذا النص، نظرًا لتفوق هذا النص الكريم على البيان النبوي بلاغيًّا وتشريعيًّا ونفسيًّا، وكان منهج دراز في هذا يزاوج بين أصالة الفكر الإسلامي ومتطلبات العصر الحديث، وهو ما يجعل طرحه مميزًا، ومقنعًا لعقل الباحث، ومناسبًا للمسلمين وغير المسلمين على السواء.

ويقدِّم جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض الرباط الدولي للكتاب، أكثر من 250 إصدارًا فكريًّا وثقافيًّا متنوِّعًا، من بينها عدد من أحدث إصدارات الحكماء للنشر لعام 2025، تعالج أبرز القضايا الفكرية والثقافية المهمَّة، بالإضافة إلى تنظيم عدد من الأنشطة الثقافيَّة والفكريَّة، بمشاركة نخبة من العلماء والمفكِّرين والأدباء والمثقفين والأكاديميين وأساتذة الجامعات، وذلك انطلاقًا من رؤية المجلس ورسالته الهادفة إلى تعزيز السِّلم، وترسيخ قيم الحوار والتسامح والتعايش الإنساني؛ حيث يقع جناح المجلس بالمعرض في حي السويسي بالعاصمة المغربية الرباط، جناح رقم D47.