عالم
بايدن وترامب في سباق الادعاء بمجد وقف إطلاق النار في غزة

في مشهد سياسي غير مسبوق، تسابق الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب على نسب الفضل لنفسيهما في تحقيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، والذي يمثل خطوة كبيرة نحو تخفيف حدة الحرب التي أرهقت المنطقة لأكثر من 15 شهرًا.
وبينما احتدم الجدل حول دور كل منهما، باتت هذه اللحظة تعكس انقسامًا سياسيًا داخليًا بقدر ما تعبر عن طموحات أمريكية في تثبيت النفوذ الإقليمي.
صراع بين بايدين وترامب
أعلن كل من الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب أن تدخلهما كان العامل الحاسم في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس الفلسطينية.
فبينما أشار بايدن إلى أن الاتفاق جاء نتيجة جهود دبلوماسية مضنية من فريقه، سارع ترامب إلى التأكيد على أن حضوره ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط كانا السبب الرئيسي في إتمام الصفقة.
قال بايدن، خلال تصريحات من البيت الأبيض: "إن دبلوماسيتي لم تتوقف أبدًا عن السعي لتحقيق هذا الإنجاز"، مشددًا على دور الضغوط الإقليمية والدبلوماسية الأمريكية في تهيئة الظروف للوصول إلى الاتفاق.
في المقابل، اعتبر ترامب أن الاتفاق يُعزى إلى "الخطوط العريضة الدقيقة" التي وضعها هو، مؤكدًا في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "إن هذا الاتفاق ما كان ليحدث لولا النصر التاريخي الذي حققته إدارتي في نوفمبر".
وأفاد ترامب أن مبعوثه الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي انخرط بشكل مباشر في المحادثات في العاصمة القطرية الدوحة، كان جزءًا أساسيًا من التوصل إلى الاتفاق. وأضاف: "سيواصل ويتكوف العمل عن كثب مع إسرائيل لضمان أن غزة لن تصبح مرة أخرى ملاذًا آمنًا للإرهابيين".
الدبلوماسية الأمريكية
يشير مراقبون، حسب شبكة "أسوشيتدبرس" إلى أن الاتفاق جاء نتيجة جهود متعددة الأطراف، حيث شاركت الولايات المتحدة بفرقها الدبلوماسية، ممثلة في بريت ماكجورك، مبعوث بايدن للشرق الأوسط، وستيف ويتكوف، مبعوث ترامب.
وقال جوناثان بانيكوف، مدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي، إن الاتفاق يعكس قوة السياسة الخارجية الأمريكية عندما تكون ثنائية الحزبية، وأوضح: "في وقت تتصاعد فيه الانقسامات الحزبية، يُظهر هذا الاتفاق كيف يمكن أن تتلاقى الجهود لتحقيق نتيجة ملموسة".
مصير غزة
الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان ينص على إطلاق سراح محتجزين أمريكيين وإسرائيليين مقابل تهدئة الأوضاع وبدء محادثات حول إعادة إعمار غزة. لكن الانتقادات تتزايد بشأن التكاليف الإنسانية للحرب، إذ أشار بايدن إلى أن الحصار المفروض على غزة خلق أزمة إنسانية كارثية، بينما ألقى منتقدوه باللوم على سياساته التي واصلت دعم إسرائيل عسكريًا دون قيود تُذكر.
ووفقًا لمسؤول أمريكي، فإن الاتفاق يفتح الباب أمام وجود دولي في غزة للمساعدة في إعادة الإعمار وتوفير الأمن المؤقت، ومع ذلك، يظل تنفيذ الاتفاق تحديًا كبيرًا وسط انعدام الثقة بين الأطراف المتصارعة.
صراع الإرث السياسي
مع اقتراب نهاية ولاية بايدن وتسلم ترامب لمقاليد السلطة، بات كل منهما يسعى لتعزيز إرثه السياسي من خلال هذا الاتفاق. وبينما أشاد بايدن بـ"الدبلوماسية العنيدة" لفريقه، أكد فريق ترامب أن تدخله في اللحظات الحرجة كان مفتاح النجاح.
نانسي عقيل، رئيسة مركز السياسة الدولية، وصفت الوضع بأنه يعكس "مدى فعالية الضغط الفعلي في تغيير سلوك الحكومة الإسرائيلية"، مشيرة إلى أن الدور الأمريكي كان حاسمًا في تقريب وجهات النظر رغم العقبات.
هل ستنجح الخطة؟
مع بدء تنفيذ الاتفاق يوم الأحد المقبل، يترقب العالم الخطوات الأولى التي تشمل إطلاق سراح مجموعة من المحتجزين وتخفيف القيود المفروضة على غزة. ويرى محللون أن نجاح الاتفاق يعتمد بشكل كبير على التزام الأطراف ببنوده واستمرار الدعم الأمريكي، بغض النظر عن الإدارة الحاكمة.
ورغم إشادة الأطراف الدولية بالاتفاق، يظل الجدل مستمرًا داخل الولايات المتحدة حول من سيُذكر في كتب التاريخ كمهندس لهذه اللحظة المفصلية. وعندما سئل بايدن عمن يستحق الفضل الحقيقي، ابتسم قائلًا: "هل هذه مزحة؟"