إقتصاد وأعمال

الأسواق المصرية تترقب تعويم الجنيه أمام الدولار

كتب في : الأحد 13 يناير 2013 بقلم : المصريه

بدأت السلطات النقدية في مصر مؤخرا الموجة الثانية لتعويم العملة، بعد 10 سنوات من الموجة الأولى التي حدثت عام 2003، بهدف مواجهة المضاربين في السوق السوداء والذين تسببوا في تراجع قوي لسعر العملة المصرية.

ويتبع البنك المركزي المصري آلية جديدة لبيع وشراء الدولار في مزاد يومي عند الحادية عشرة والنصف صباح كل يوم، وهي الآلية المعروفة باسم fx- ACUION لتمثل بداية سياسة جديدة لتعويم الجنيه المصري، لتتحدد أسعاره وفق آليات العرض والطلب اليومي.

ويسعى البنك المركزي من وراء هذه الخطوة إلى مواجهة عمليات مضاربة واسعة النطاق جرت على سعر الدولار في مصر على مدار الأسابيع الماضية، مما هدد بخلق سوق موازية تعيد عصر وجود أكثر من سعر للعملات الأجنبية في سوق الصرف المصرية، إلى جانب تحديد حجم الطلب الحقيقي على الدولار، خصوصاً الطلب المشروع لتحديد الأسعار بناء على حجم الطلب وقدرة البنوك على تلبيته من مواردها الذاتية، وفقا لصحيفة "الاتحاد" الإماراتية.

كما تأتي هذه الخطوة، في إطار إجراءات تمهيدية بدأت الحكومة المصرية في اتخاذها لإظهار الجدية في الالتزام ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تعهدت به مع صندوق النقد الدولي، حيث ينطوي البرنامج على خفض تدريجي لسعر صرف الجنيه، والتوقف عن سياسة حماية العملة المصرية التي اتبعها البنك المركزي على مدار عامين، وتسببت حسب رؤية الصندوق في تبديد نحو 20 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، من دون أن تسفر عن حماية حقيقية للجنيه.

ولهذا السبب، طلب صندوق النقد الدولي من الحكومة المصرية السماح بخفض الجنيه، بهدف تحسين الوضع التنافسي للصادرات المصرية في الأسواق الدولية، إلى جانب تعظيم عوائد السياحة ورسوم المرور في قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.

وتعد هذه الخطوة بمثابة التعويم الثاني للجنيه المصري خلال أقل من عشر سنوات، حيث جرت عملية التعويم الأولى في 27 يناير 2003 في عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد، وترتب عليها تراجع الجنيه بنسبة 60% خلال 24 ساعة، وشارف سعر صرف الدولار حينذاك على7 جنيهات، قبل أن يعود إلى التراجع ليستقر عند 585 قرشا لفترة طويلة بلغت عدة سنوات.

ومع العملية الثانية للتعويم، والتي يعتبرها الخبراء نوعاً من التعويم المنظم التدريجي الذي يتم تحت بصر السلطة النقدية وعبر أدواتها وحرمان المضاربين من اتخاذ المبادرة برفع الأسعار، تجاوز سعر صرف الدولار 650 قرشاً بفعل ضغوط الطلب الناجم عن حرمان السوق من توفر الدولار في الفترة الماضية، إلى جانب طلب عائلي كبير على الدولار من جانب أصحاب المدخرات فيما يعرف بظاهرة “الدولرة”، خوفاً من تأكل القيمة الشرائية للجنيه، ولهذا اندفع عدد كبير من المودعين إلى تحويل مدخراتهم من العملة المصرية إلى الدولار.

ويغذي موجات الطلب نوع آخر من الطلب غير الرسمي، يتمثل في تجارة السلاح والمخدرات والسلع المهربة التي يتم استيرادها بعيداً عن القنوات الرسمية في البنوك عبر اعتمادات مستندية وغيرها، وهو طلب يزداد كل يوم.

ومن المتوقع أن تتسبب عملية التعويم الثانية للجنيه في إطلاق موجة تضخم كاسحة سوف تشهدها البلاد خلال الأسابيع القادمة، سواء على صعيد ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية خاصة الغذائية، أو على صعيد أسعار مدخلات الإنتاج الواردة من الخارج، خاصة في مجالات الصناعات التحويلية والسيارات وغيرها، وكذلك مواد البناء التي بادرت برفع أسعارها فوراً، ومنها الإسمنت والسيراميك والكابلات الكهربائية وخراطيم المياه والمواد البلاستيكية.

كما من المنتظر أن تؤدي هذه الموجة، إلى مزيد من ارتفاع فاتورة الواردات البترولية للبلاد، وكذلك السلع التموينية التي تقوم الحكومة باستيرادها ومنها القمح والسكر والزيوت التي تخصص لمحدودي الدخل، وبالتالي سوف تضطر الحكومة إلى زيادة مخصصات الدعم، الأمر الذي سوف يترتب عليه مزيد من الارتفاع في عجز الموازنة خلال العام المالي الجاري والمقدر له أن يتراوح بين 200 و 220 مليار جنيه، ويتوقع خبراء أن يقفز هذا العجز إلى 250 مليار جنيه تمثل 47% من إجمالي الموازنة ونحو %18 من إجمالي الناتج القومي للبلاد

بداية الصفحة